مسجد في اسطنبول يبهر الزائرين ببنائه ويشعرهم بالفخر تجاه من بناه

مسجد في اسطنبول يبهر الزائرين ببنائه ويشعرهم بالفخر تجاه من بناه
مسجد في اسطنبول يبهر الزائرين ببنائه ويشعرهم بالفخر تجاه من بناه

مسجد في اسطنبول يبهر الزائرين ببنائه ويشعرهم بالفخر تجاه من بناه

نيو ترك بوست -  خاص - رغم وجود آلاف المساجد في مدينة اسطنبول التركية، إلا أن مسجد محمد الفاتح له مكانة خاصة لدى تركيا والعالمين العربي والإسلامي.

 

فعند الدخول إلى باحات المسجد يشعر من يعرف تاريخ محمد الفاتح الذي أمر ببنائه، بالفخر والرهبة أمام هذا الصرح والقائد العثماني الذي سمي باسمه وبشر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال “لتفتحنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”.

 

وبني مسجد الفاتح الذي يعد مثالا عظيما على فن العمارة الإسلامية التركية في منطقة الفاتح بعد أن فتح السلطان محمد الفاتح مدينة القسطنطينية وهي اسطنبول حاليا عام 1453 هـ  في ملحمة من أهم ملاحم التاريخ الإسلامي.

 

ومنذ بزوغ فجر الإسلام حاول المسلمون فتح القسطنطينية 11 مرة، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك إلى أن جاء السلطان العثماني السابع محمد الفاتح ووضع خطة ذكية كان تحقيقها أشبه بالمستحيل لكنه نفذها وحقق مراده وتحررت القسطنطينية من الحكم البيزنطي.

 

فمدينة القسطنطينية أو اسطنبول محاطة من ثلاث جهات بالمياه وهي القرن الذهبي، ومضيق البسفور، وبحيرة مرمرة، فيما كان يحيطها من الجهة الرابعة سور عظيم لا يمكن اختراقه.

 

وبعد وقت من حصار القسطنطينية تمكن جيش محمد الفاتح الذي كان قوامه آنذاك 250 ألف مقاتل من الوصول بالسفن التي كان عددها أكثر من 400 من مضيق البسفور إلى القرن الذهبي المغلق بسلسلة ضخمة شيدت بذكاء عبر نقلها برا وفي ظروف وتضاريس قاسية ليتحقق النصر وتفتح المدينة العريقة.

 

ويعد مسجد الفاتح الذي بني بأمر من السلطان محمد الفاتح في موقع كنيسة بيزنطية قديمة كانت قد دمرت منذ الحملة الصليبية الرابعة بناء دينيا واجتماعيا في آن واحد، حجمه وتركيبه لا مثيل لهما.

 

يوجد حول مسجد الفاتح مجموعة من الأبنية المشيدة بتخطيط جيد، وتشمل  8 مدارس، ومكتبة، ومستشفى، وكاروانسرا (بيت للمسافرين)، وسوقا، وحماما عاما، ومدرسة ابتدائية، ومطبخا عاما كان يقدم الطعام للفقراء وأضيفت حوله العديد من القبور  فيما بعد.

 

وقد بني البناء الأصلي للمسجد على شكل مربع تقريبا، طول ضلعه حوالي 325 مترا يمتد على طول منطقة القرن الذهبي.

 

وتعرض المسجد الأصلي لضرر بالغ بسبب زلزال عام 1509، ولكنه أُصلح بعد ذلك، وتعرض للضرر مرة أخرى بسبب الزلازل في عامي 1557 و 1754 وأصلح مرة أخرى، ليتعرض لزلزال دمره بالكامل في 22 من شهر أيار عام 1766 حيث انهارت القبة الرئيسة وتحطمت الجدران بشكل لا يمكن إصلاحه.


اقرأ المزيد| مساجد تركيا الأثرية .. تُحف معمارية تُزيّن بلاد الأناضول 


أما المسجد الحالي فقد بني على أساس مخطط مختلف تماما عن المسجد الأصلي، وأنهي بناؤه عام 1771 في عهد السلطان مصطفى الثالث.

 

وتحيط بالمسجد باحتان خلفية وأمامية بهما حدائق غناء يرتادها أهل المنطقة والسواح يستظلون بأشجارها ويتمتعون بالنظر إلى نوافيرها حيث تعانق المياه الخضرة في المكان الذي يغص بالحمام.

 

ومن أهم معالم المسجد وجود مقام السلطان محمد الفاتح بغطائه الأسود المزين بآيات قرآنية  باللون الذهبي كتب أمامه أنه من ستار الكعبة المشرفة، ووضع داخل بناء جميل حيث يشعر الزائر عندما يقف أمامه بالفخر أمام هذا القائد الإسلامي العظيم.

 

ويقول محمد علي بينما كان يجلس في باحة بجانب المسجد بها متوضأ بني على الطريقة العثمانية بالرخام وبشكل مضلع  وحوله مقاعد ثابتة، إنه جاء خصيصا من المملكة العربية السعودية ليرى مسجد القائد العظيم الذي طالما قرأ عنه في كتب التاريخ.

 

ويضيف على لـ (نيو ترك بوست) اصطحبت عائلتي المكونة من الزوجة وثلاثة أبناء خصيصا لنرى المسجد ومقام القائد العظيم محمد الفاتح الذي بشر به نبي الإسلام.

 

ويردف "عندما وقفت أمام المقام أخذت أدعو للسلطان محمد الفاتح ودموعي انهمرت من عيوني دون أن اشعر لأنني قارنت بين وضعنا كمسلمين اليوم وبين زمن كان فيه قائد مثله أصر على أن يكون هو من بشر به النبي رغم أن تحرير القسطنطينية كان آنذاك من ضروب المستحيل لكنه فعلها".

 

وأمام نافورة تتمايل بها المياه صعودا في باحات المسجد جلست أماني خالد وبجانبها أطفالها على أحد الكراسي الجماعية التي وضعت في المكان للزوار تنتظر زوجها حتى يفرغ من الصلاة داخل المسجد.

وتقول أماني وهي من العراق لـ(نيو ترك بوست) "كنت اتمنى الدخول إلى المسجد للصلاة لكن وجود رضيعة معي أثناني عن ذلك رغم أن إدارة المسجد توزع للزائرات من السيدات ملابس خاصة لحين خروجهن منه".

 

وتضيف أماني "اضطررت للبقاء هنا فجلست لأتأمل تفاصيل المسجد ببنائه وقبابه الكثيرة ومآذنه وطرازه الإسلامي الرائع".

 

وتردف أماني التي وصلت مع عائلتها إلى اسطنبول منذ اسبوع بغرض السياحة "اسطنبول من أجمل المدن وما يميزها مساجدها التي يصل عددها إلى أكثر من 3200 مسجد بطرازها الذي يجمع بين الأصالة العثمانية الإسلامية والحداثة".

 

وبينما كانت أماني تتحدث خرج زوجها أحمد من المسجد وقال لـ(نيو ترك بوست)، "صحيح أن المسجد من الخارج رائع التصميم  ويدل على فن العمارة العثمانية لكنه من الداخل مذهل أيضا".

 

ويضيف أحمد "عندما دخلت إلى المسجد أخذت أنظر بذهول إلى القباب من الداخل والزخارف الإسلامية المنقوشة على جدرانها، وكذلك روعة الإنارة بأعداد من الأنوار التي علقت بتشكيل جميل على هيئة الشمعدان".

 

ويردف أحمد "ما زاد المسجد جمالا من الداخل منبره ومحرابه بزخارفهما وجمالهما، وإن دل ذلك على شيء يدل على تاريخ وعراقة تركيا ومكانتها بين الدول".

 

ويبلغ طول قطر القبة المركزية لمسجد الفاتح 26 مترا مدعمة بأربع قبب صغيرة على كل محور، وهي مدعمة بدورها بأربعة أعمدة رخامية.

 

وهناك مئذنتان لهذا المسجد متطابقتان في الشكل، أما منبر المسجد والزخارف الخطية التي تنتشر في أنحائه فهي تتخذ الطابع الباروكي، فيما محراب المسجد فهو نفس محراب البناء القديم.

مشاركة على: