الصلاة بالمساجد والحرص على الحجاب.. كيف غازلت المعارضة الناخب التركي؟

إسطنبول-نيو ترك بوست

وجد حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا ضالته في استمالة الناخب التركي بعد أكثر من ربع قرن من الفشل والإخفاق في تحقيق مكاسب انتخابية واضحة على الساحة السياسية والخدماتية في مواجهة حزب العدالة والتنمية المتحافظ.

ويرصد تقرير لصحيفة تصدر من لندن كيف انتهجت المعارضة التركية أسلوب جديد لوضع حد لاستمرار حزب العدالة والتنمية الإسلامي ورئيسه، رجب طيب اردوغان، في الحكم المتواصل منذ 17 عاماً دون توقف.

فبحسب التقرير المنشور في صحيفة القدس العربي، فإن حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة عمد إلى جانب تعزيز العمل التنظيمي ووسائل مخاطبة المجتمع التركي، على بناء تحالفات عديدة تخالفه فكرياً بدرجات صادمة.

وأوضحت الصحيفة أن حزب أقدم على تشكيل تحالف مع أحزاب «السعادة» الإسلامي، و«الجيد» القومي، وصولاً للتحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

وتسعى المعارضة من خلال هذا النهج لتعزيز فرصه في الحصول على نسبة أفضل من الأصوات، عقب خسارته سلسلة طويلة جداً من الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية طوال الـ17 عاماً الماضية بحسب الصحيفة.

ولفتت الصحيفة إلى أن الحزب المعارض استطاع أن يطبق هذه السياسية في الحملة الانتخابية للانتخابات المحلية/البلدية التي شهدتها تركيا نهاية الشهر الماضي.

وذكرت الصحيفة أن الحزب قدم خلال الانتخابات خطاباً جديدا ويعد هذا تحول تاريخي غير مسبوق.

وفي حملته الانتخابية ركز الحزب خطابه على تطمين المجتمع التركي بأنه لن يعود إلى  للسياسات السابقة والتي تمثلت في التضيق على ممارسة الحريات الدينية، وارتداء الحجاب، ورعاية المساجد وغيرها.

وأكد التقرير أن التغيير الملحوظ في خطاب الحزب وخاصة الطبقة المحافظة والتي تمثل أكثر من نصف الشعب التركي، ساهم في تعزيز أصواته في الانتخابات ومكنه من تحقيق أفضل نتائج له منذ 17 عاماً من خلال فوزه بالانتخابات البلدية في كبرى المحافظات ومنها إسطنبول، وأنقرة، وإزمير، وأنطاليا.

وأوضحت صحيفة القدس العربي أن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يحصل على شعبيته من المحافظين الأتراك ركز بدرجة أساسية على تخويف الشارع من عودة حزب الشعب الجمهوري للحكم، وبالتالي عودة سياسات التضييق على العبادات والحجاب والتعليم والعمل للمحافظين، وهو ما سعى الحزب لتفنيده.

وأشارت الصحيفة إلى أن أكرم إمام أوغلو الذي ما زال متقدماً، والأقرب للفوز برئاسة بلدية إسطنبول يعتبر أحد أبناء عائلة تركية محافظة من ساحل البحر الأسود، درس على غرار اردوغان في المدارس الدينية «مدارس إمام خطيب»، ووالده أحد مسؤولي حزب «الوطن الأم» المحافظ.

وأُجبرت المعارضة العلمانية الكمالية على استخدام «الخطاب المحافظ» إذ أن إمام أوغلو قدم خطاباً محافظاً ندر صدوره عن قيادي بحزب الشعب الجمهوري، والتقطت له مقاطع فيديو وهو يصلي بانتظام في المساجد، وأخرى له وهو يقرأ القرآن على أرواح ضحايا هجوم نيوزيلندا الإرهابي، وطالب مراراً الشعب التركي بعدم تصديق خطاب اردوغان بأن المعارضة ستضيق على الحريات الدينية للمواطنين، واعتبر ذلك «استخداماً للدين».

وخلال حملته الانتخابية نشر إمام أوغلو صوراً له مع والدته المحجبة، وصور أخرى انتشار المصاحف في منزله ومكتبه، وطلبه الدعاء له من كبار السن كلما صادفهم في طرقات إسطنبول، في إجراءات مدروسة نجحت في تبديد مخاوف جانب من المحافظين الأتراك.

وأوضحت الصحيفة أن النهج الذي اتبعه أمام أوغلو اتبعه مرشح حزب الشعب الجمهوري في العاصمة أنقرة، منصور يافاش حيث نشر فور نجاحه بانتخابات العاصمة لوحات ضخمة في عموم العاصمة كتب عليها «هيا بسم الله».

كما قام مرشح حزب الشعب الذي فاز برئاسة بلدية محافظة بولو، وسط البلاد، ببدء مهامه برئاسة البلدية من خلال القسم على القرآن، وتقبيله في خطوة لا ينص عليها القانون التركي، وإنما جاءت في نفس سياق تقديم خطاب محافظ للمجتمع التركي.

وخلال الحملة الانتخابية، قام مرشحون مختلفون عن حزب الشعب الجمهوري بتوزيع مسابح وسجادات صلاة، وأغطية رأس، مختلفة للسيدات وضعت في مظاريف تحمل شعار حزب الشعب الجمهوري الذي ظل لعقود طويلة بعيداً عن أي خطاب ديني أو محافظ.