حزب العدالة والتنمية... 16 عاما من العطاء والبناء

حزب العدالة والتنمية... 16 عاما من العطاء والبناء
حزب العدالة والتنمية... 16 عاما من العطاء والبناء

حزب العدالة والتنمية... 16 عاما من العطاء والبناء


بعد أن حُلَّ حزب الفضيلة الإسلامي في 22 يونيو 2001؛ لاتهامه بانتهاك الدستور شكّل مجموعة من نوابه ممن يمثلون جناح المجددين حزباً جديداً في 14 أغسطس 2001، أطلقوا عليه اسم "حزب العدالة والتنمية "، وهو الثالث والتسعون بعد المائة ضمن الأحزاب السياسية في تركيا، وأكثر الأحزاب التركية شهرة على المستويين المحلي والعالمي لما حققه من إنجازات سياسية واقتصادية جعلت تركيا تتبوأ مكانة في ساحة الدول المتقدمة.

بلغ عدد الأعضاء المؤسسين للحزب 63 شخصاً بينهم 13 امرأة، أبرزهم عبدالله غل ورجب طيب أردوغان الذي انتخب كأول زعيم لحزب العدالة والتنمية.

التوجه الفكري

يمثل حزب العدالة والتنمية الجناح الإسلامي المعتدل في تركيا، ويحرص على ألا يستخدم الشعارات الدينية في خطاباته السياسية، ويؤكد أنه لا يحبذ التعبير عن نفسه بأنه حزب إسلامي، فهو حزب يحترم الحريات الدينية والفكرية ومنفتح على العالم ويبني سياساته على التسامح والحوار.

ولا تتعارض مبادئ الحزب مع العلمانية والمبادئ التي قامت عليها الجمهورية التركية، و يؤيد الحزب انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

محطات سياسية

استطاع حزب العدالة والتنمية حشد مؤيديه واستقطاب الرأي العام التركي بسرعة قياسية، فبعد عام من تأسيس الحزب شارك في الانتخابات التشريعية في 3  نوفمبر 2002 ليفوز بأغلبية الأصوات 34 % ويحصل على 363 مقعداً من أصل 550، استطاع بهذه النتيجة تشكيل الحكومة الـ 58 في تاريخ الجمهورية منفرداً، وتولى عبدالله غول رئاسة الحكومة عن حزب العدالة والتنمية إلى أن سُمح قانونياً لرئيس الحزب رجب طيب أردوغان من تولي رئاسة الحكومة بعد أن كان محظوراً.

وبعد عامين من فوز الحزب في الانتخابات التشريعية نجح الحزب في إحراز المركز الأول بالانتخابات المحلية البلدية عام 2004 بنسبة 42 % من أصوات الناخبين.

ومجدداً فاز الحزب في الانتخابات التشريعية  2007 للمرة الثانية  وقد حصل على 47 من الأصوات أي 331 مقعدا وبذلك يستطيع تشكيل الحكومة منفردا أيضا ، وتم  في هذا العام انتخاب عبدالله غول كأول رئيس للجمهورية من حزب العدالة والتنمية.

وفي العام ذاته طرح الحزب استفتاء حول بعض التعديلات الدستورية أهمها انتخاب رئيس الجمهورية عبر الانتخاب المباشر وجاءت نتيجة الاستفتاء لصالحه بنسبة 68.9%.

وفي 12 يونيو 2011 فاز الحزب بالانتخابات التشريعية بحصوله على 50% من الأصوات, متقدماً على حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية, وحصل الحزب على327 مقعداً من أصل 550 مقعد في البرلمان, إلا أن ذلك لم يخوّله بتنفيذ مراده في تعديل الدستور دون الرجوع للمعارضة, الأمر الذي يتطلب ثلثي مقاعد البرلمان أي 367.

وعلى مدار الجولات الثلاثة التي تولى فيها الحزب رئاسة الحكومة كان أردوغان رئيساً للحكومة التركية - باستثناء العام الأول- ورئيساً لحزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه حتى 28 أغسطس2014، حين استقال منه  ليترشح لرئاسة البلاد، بموجب الدستور الذي ينص على حياد الرئيس وعدم انتسابه لأي حزب سياسي، و خلفه في رئاسة الحزب أحمد داود أوغلو، وفي عام 2014 أيضاً فاز الحزب بالانتخابات المحلية البلدية بنسبة 43.4%.

وفي الانتخابات التشريعية في 7 يونيو 2015، فاز الحزب بأغلبية غير ساحقة وحصل على 258 مقعد من جملة 550، بنسبة 40.87% من الأصوات، وكان يجب عليه تكوين حكومة تحالفات مع أحزاب أخرى، ولكن لم يحصل اتفاق وبقيت حكومة أحمد داوود أوغلو الثانية حكومة مؤقتة حتى انتخابات نوفمبر المبكرة.

استأنف الحزب انتصاراته في الانتخابات التشريعية المبكرة يوم 1 نوفمبر 2015 بحصوله على أغلبية ساحقة، حيث حصل على 317 مقعد من جملة 550، و على 49.5% من الأصوات، وبذلك لديه القدرة لتكوين حكومة وحده.

أبرز الانتقادات

منذ تأسيسه، يواجه حزب العدالة والتنمية انتقادات تمثلت في كثير من الأحيان في دعاوي قضائية، أهمها اتهام الحزب بأنه يقود الدولة بعيداً عن العلمانية ورسم خطة سرية لأسلمة البلاد، التي من بين إجراءاتها العملية التي تترجم تلك الأفكار تعيين مسؤولين كبار في الدولة ممن هم أوفياء له متخرجين عموماً من مدارس لتأهيل الأئمة حسب ادعاءاتهم.

وقد تم حسم تلك الانتقادات نسبياً في 30 يوليو 2008 بعد قرار المحكمة الدستورية  برفض دعوى بحظر حزب العدالة والتنمية بتهمة أنه يقود البلاد بعيداً عن نظامها العلماني، لكنها رغم قرارها هذا فرضت عقوبات مالية على الحزب تقضي بحرمانه من نصف تمويل الخزانة العامة.

كما واجه الحزب العديد من العمليات الرامية إلى إسقاطه بطرق غير ديمقراطية، اختلفت بين محاولات الانقلاب والهجمات الإرهابية على يد بؤر الوصاية والكيان الموازي المتكّتلة داخل أروقة الدولة التركية، إلا أن الدعم الشعبي الذي حظي به الحزب حال دون نجاح تلك العمليات.

وتمّكن الحزب من تعزيز قوته ضد الأطراف المعادية له وللإرادة الوطنية في تركيا، عبر الإصلاحات الشاملة التي قام بها منذ توليه السلطة؛ ليسجّل اسمه بين أهم الأحزاب في السياسة التركية منذ تأسيس الجمهورية، حيث نجح بتحقيق استقرار سياسي ونمو اقتصادي كبير.

رسخ حزب العدالة والتنمية سياسات الديمقراطية المدنية التي تجعل من تركيا بلداً عادلاً، وأوقف تحكم الجيش في الدولة ، ليطوي عقوداً شهدت انقلابات عسكرية سوداء في تاريخ الجمهورية، كما أصلح بنية المجلس الأعلى للقضاء، وضيّق صلاحيات القضاء العسكري.

وقد ساهمت البيئة الديمقراطية التي يوفرها الحزب طوال فترة حكمه في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة كافة القطاعات، حققت زيادة في الدخل والناتج القومي لمسها المواطن التركي في وقت قصير نسبياً. 

ختاماً، تم إجراء الاستفتاء التاريخي في 16 نيسان الماضي الذي ينص على إجراء تعديلات دستورية تسمح لرئيس الجمهورية بالانتماء إلى حزب سياسي، وتم التصويت لصالح ذلك، ما مكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من العودة إلى حزبه؛ ليترأسه في 21 مايو من هذا العام قائلاً: "أعود اليوم إلى حزبي، إلى عشي، إلى حبي ..."

 

مشاركة على: