"سيف القدس" تكشف ضعفا وتفككا إسرائيليا

"سيف القدس" تكشف ضعفا وتفككا إسرائيليا
"سيف القدس" تكشف ضعفا وتفككا إسرائيليا

"سيف القدس" تكشف ضعفا وتفككا إسرائيليا

بدأت معركة "سيف القدس"، في الثامن والعشرين من رمضان، بعد "التحذير الأخير"، الذي وجهه قائد هيئة الأركان في كتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف للاحتلال الإسرائيلي، أثناء عدوانه على مدينة القدس، والدلالة المهمة لهذه المعركة، أن حملة لواء المقاومة هم أصحاب السيادة على القدس والأقصى، وليس الاحتلال الإسرائيلي، ولا أصحاب مشاريع التسوية.

هذه هي المعادلة الجديدة، التي فرضتها المقاومة الفلسطينية، فهي الأجدر أن تكون مرجعية فلسطين السياسية والدينية، وعليه فإنها ستثأر لأي عدوان على الشعب الفلسطيني، سيما إذا كان في القدس. وضمن الواقع الجديد تميزت المعركة بما يلي:

أولا: تنوع أدوات المقاومة: وتجلى ذلك من خلال

  • المديات الصاروخية البعيدة، إذ بلغت مدينة حيفا (حوالي 150كم)، وعكا (170 كم تقريبا)، وبلغت أقصى مدى معلن (250 كم)، باستهداف مطار رامون، قرب مدينة إيلات، جنوب فلسطين المحتلة. كما تميزت بدقة عالية، وقوة تدميرية أكبر من السابق، فقد أصابت عمارات، ومنشآت حيوية إسرائيلية، مثل: محطة كهرباء عسقلان.
  • الصواريخ الموجهة "الكورنيت"، وبه استفتحت سرايا القدس، باستهداف جيب عسكري شرق غزة، ثم تبعتها كتائب القسام فضربت جيب عسكري شمال قطاع غزة. وهذا النوع من العمليات، يشير إلى القوة الاستخباراتية لدى المقاومة، وجرأتها في مقارعة العسكريين، بخلاف الجيش الإسرائيلي، الذي يوجه النار إلى المدنيين.
  • دخول الطائرات المسيرة التفجيرية إلى الخدمة، إذ أعلنت كتائب القسام، عن الاستعانة بطائرة "شهاب"، في قصف مصنع الكيماويات في نير عوز، ومنصة الغاز في البحر، وحشود عسكرية على حدود غزة.

ثانيا: وحدة الوطن: وتمثل في:

  • المشاركة الفاعلة للمدن الفلسطينية المحتلة عام 1948، في اللد، ورهط، وأم الفحم، وسخنين، وحيفا، والنّاصرة، ويافا، وغيرها. وكان بارزا جدا، ثورة أهل مدينة اللد، وهو ما أدى إلى نزوح إسرائيلي منها.
  • تفاعل القدس والضفة المحتلة، وبدا ذلك في الوقفات المتكررة في المسجد الأقصى المبارك، والهتاف للمقاومة وقادتها، والمسيرات الليلية في: نابلس، وجنين، والخليل، ورام الله، وطولكرم، وما تبعها من مواجهات مع قوات الاحتلال.
  • تماسك الجبهة الداخلية في قطاع غزة، رغم استمرار سياسة الضغط على المدنيين.

ثالثا: الفشل والتنازع الإسرائيلي: وهذا واضح من خلال ما يلي:

  • فشل القبة الحديدة في صد صواريخ المقاومة، ولم يكن منطقيا الادعاء الإسرائيلي، أن ذلك بسبب خلل فني في المنظومة، فالمقاومة اتبعت تكتيكا جديدا، تمثل في إطلاق عدد كبير من الصواريخ دفعة واحدة، وباتجاهات متعددة، وهذا شتت صواريخ القبة.
  • محاولة الخداع والتضليل، الناتج عن الهزيمة أمام المقاومة، حتى انسحب مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس "يانيف كوبوفيتش"، من مؤتمر صحفي للناطق العسكري باسم جيش الاحتلال "هيداي زيلبرمان"، قائلا: "حتى في خضم القتال، هناك حدود للقصص المخادعة وتضليل الجمهور".

إن دخول (6 ملايين) إسرائيلي تحت مرمى صواريخ المقاومة، وزيادة خسائر الاقتصاد الإسرائيلي، خلال الأيام الثلاثة الأولى من المعركة، عن (160 مليون دولار)، حسب اتحاد المصنعين الإسرائيليين، وتوقف الرحلات الجوية الداخلية والدولية، حتى عزلت تل أبيب عن العالم، وضرب السياحة في الوقت الذي يفترض أن تزيد فيه، والشلل التام الذي أصاب كل جوانب الحياة، والاستنفار الكامل للجيش والشرطة، سيزيد من فرص هرولة القيادة السياسية الإسرائيلية إلى التهدئة، خشية من اتساع المواجهات في الداخل المحتل، وذلك ما أشارت إليه صحيفة "هآرتس"، وعليه فإن تكثيف الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، محاولة لفرض الشروط الإسرائيلية للتهدئة، قبل جلسة مجلس الأمن يوم الأحد المقبل.

"سيف القدس"، كشفت حقيقة ضعف الجيش الإسرائيلي، الذي ظنه البعض لا يقهر، فطبع علاقاته مع كيانه، وأظهرت التفكك الكبير لذلك المجتمع الهش، وقدمت لنا صورة مصغرة عما يمكن أن يكون عليه المشهد، في حال زيادة وتيرة المقاومة الفلسطينية، والانتفاضة المساندة لها في بقية المدن الفلسطينية، فكيف لو رافق ذلك دعم وإسناد عسكري من دول الطوق؟

 هذه المعركة أنعشت أمل الأمة، فهي معركة على طريق التحرير، والمطوب فلسطينيا هو استمرار تماسك الجبهة الداخلية في قطاع غزة، ومواصلة الفعل الثوري في القدس ومدن الضفة والداخل المحتل، وتصاعد الفعاليات المساندة في الدول العربية والإسلامية، كما حدث في الأردن، والثبات حتى تحقيق شروط هذه الجولة؛ وضمان ألا يستفرد الاحتلال الإسرائيلي، بأي جزء من الوطن.

د. إبراهيم الزعيم

مدير مركز المبادرة الاستراتيجية فلسطين ماليزيا

 

 

 

مشاركة على: