
أهالي هاتاي يوقفون الجرافات.. ولن تُسلب مزروعاتهم بهذه السهولة!
لم يكن صباح سامانداğ في ولاية هاتاي التركية عاديًا. فبينما كانت شمس المتوسط تشرق على بساتين الليمون والزيتون، سمع السكان هدير جرافات ضخمة تقترب من أراضيهم، ترافقها سيارات شرطة ومهندسون من هيئة الإسكان الجماعي التركية (TOKİ).
المشهد بدا كأنه بداية معركة صامتة: مشاريع إسكان ما بعد الزلزال مقابل أراضٍ ورثها الأهالي أبًا عن جد، وأشجار مثمرة كانت مصدر رزقهم الوحيد بعد أن هدم الزلزال منازلهم في فبراير 2023.
المقاومة تبدأ من الأرض
تقدمت إحدى الجرافات وبدأت بإزالة الأشجار، لكن سرعان ما تحرك الأهالي. رجال ونساء، كبار وصغار، تجمعوا حول الجرّافة وأطفأوا محركها بأيديهم. رفعوا أصواتهم:
"لن تقتلعوا أشجارنا قبل أن نقتلع أنفاسنا!"
كانت الأشجار بالنسبة لهم أكثر من مجرد نباتات، إنها رمز البقاء بعد أن فقدوا المنازل والمحال والممتلكات. كل شجرة ليمون كانت بمثابة دفتر حياة، وكل غصن زيتون كان بمثابة عقد مع الأرض.
بين القانون والحياة اليومية
تقول السلطات إن المشروع ضروري لإيواء آلاف العائلات التي ما زالت تعيش في مساكن مؤقتة. لكن الأهالي يردون:
"لا يمكن أن تبنى بيوت جديدة على أنقاض رزقنا، ولا يمكن أن تُسلب أراضينا دون تشاور أو تعويض عادل."
المفارقة أن الكثير من هؤلاء السكان فقدوا منازلهم بالفعل في الزلزال، ولم يبقَ لهم سوى هذه الأراضي الزراعية التي كانت تدرّ بعض الدخل البسيط. لذلك، بالنسبة لهم، فقدان الأرض يعني فقدان ما تبقى من حياتهم.
أجواء التوتر تتصاعد
بينما وقفت الشرطة في مواجهة الأهالي، سادت لحظات صمت مشحون. لم يكن أحد يريد مواجهة مباشرة، لكن التصميم في عيون المزارعين كان أوضح من أن يُتجاهل.
أحد الشيوخ قال بصوت مرتجف:
"الأرض لنا، عشنا فيها وسنموت فيها. لن نرحل."
هذا المشهد جعل السلطات توقف العمليات مؤقتًا، وسط وعود بإعادة النظر في الإجراءات. لكن الأهالي يدركون أن الصراع لم ينتهِ، وأن معركتهم مع الجرافات ستعود في أي وقت.
ما وراء القصة
هذه ليست مجرد قضية محلية، بل هي رمز لصراع أوسع بين التنمية السريعة بعد الكوارث وحقوق المجتمعات المحلية.
هل الأولوية لإعادة الإعمار بأي ثمن؟ أم أن الحفاظ على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للسكان يجب أن يكون في صلب أي خطة؟
في هاتاي، يبدو أن الأهالي اختاروا الإجابة بأنفسهم: لن نغادر الأرض، ولن نبيع جذورنا مقابل جدران إسمنتية مجهولة المصير.