
هل نرى انفجار ثقب أسود خلال 10 سنوات؟ دراسة جديدة
في دراسة حديثة من جامعة Massachusetts Amherst، أشار علماء الفيزياء الفلكية إلى احتمال كبير بأن نشهد انفجارًا نهائيًا لثقب أسود في غضون السنوات العشر القادمة، وفقًا لنموذج نظري يعتمد على الميكانيكَة الكوانتية ونظرية ستيفن هوكينغ التي تنص على أن الثقوب السوداء لا تمتص المادة فقط وإنما تبخر ببطء عبر ما يعرف بـ “إشعاع هوكينغ”، لتصل في نهايتها إلى مرحلة تتبخر فيها بالكامل بما يمكن أن يُشبه انفجارًا هائلًا. هذا الانفجار الذي يراه الباحثون قد لا يكون مرئيًا بسهولة إلا بواسطة أجهزة ملاحظة متخصصة بالأشعة غاما أو أدوات تقفي أثر إشعاع الجسيمات الثانوية — وهو ما يجعل المسألة معقدة تقنيًا، بل أنه يعتمد على فرضيات تتعلق بثقوب سوداء أولية (Primordial Black Holes) والجسيمات المفترضة مثل “الكهرون المظلم” الذي يمكن أن يؤدي إلى استقرار مؤقت يسمح بالانتظار حتى لحظة الانفجار.
الدراسة تقر بأن الثقوب السوداء الكلاسيكية التي تتكوّن من انهيار نجم ضخم ستكون لها أوقات حياة طويلة جدًا، تفوق عمر الكون في بعض الحالات، لذا ليس من المتوقع أن تنفجر هذه الأنواع ضمن نطاق السنوات العشر القادمة. لكن الثقوب السوداء الأولية — التي يفترض أنها تشكّلت في اللحظات الأولى بعد الانفجار العظيم — تملك كتلة أقل بكثير، وربما تطورها عبر الإشعاع الكمي يسمح لها بأن تصل إلى مرحلة الانفجار أسرع بكثير، خاصة إذا ترافق ذلك مع خصائص إضافية مثل امتلاك شحنة كهربائية طفيفة أو تفاعل مع جسيمات مظلمة مفترَض وجودها في الكون.

المسألة تثير اهتمام العلماء لأن رؤيتنا لأي انفجار من هذا النوع قد تمكّننا من التأكُد من وجود مثل هذه الثقوب الأولية، والتحقق من صحة نظرية إشعاع هوكينغ بشكل مباشر لأول مرة، وربما اكتشاف جسيمات جديدة أو مظلمة تُشكّل جزءًا من تركيب الكون. فهذه الانفجارات المحتملة تُعد نوافذ نادرة نحو التعرف على مكونات الكون الأساسية التي لا تزال حتى اليوم موضع فرضيات وتجارب.
رغم الحماس النظري، الباحثون يحذّرون من أن المراقبة الفعلية لهذه الانفجارات ليست مضمونة، وأن الأدوات الحالية قد لا تكون كافية لالتقاط الإشعاعات الناتجة بوضوح، خاصة في حال وقوع الانفجار بعيدًا أو إذا كانت الإشعاعات مشوَّشة أو مختلطة مع مصادر أخرى. كما أن توقيت الانفجار، إذا حصل، قد لا يكون محددًا بالضبط؛ قد يحدث في أي وقت ضمن تلك العشر سنوات، أو ربما بعد ذلك إن لم تتوفّر بعض الشروط التي يعتمد عليها النموذج.
من الناحية المجتمعية، فكرة أن ثقبًا أسودًا يمكن أن ينفجر تثير العديد من الأسئلة حول تأثير هذه الحدث على فهمنا للكون، لكنها لا تشير إلى تهديد مباشر للبشر أو الأرض؛ الانفجار المرصود نظريًا سيكون على مسافة مفترَضة ضخمة جداً تفصله عن كوكبنا، بحيث أن تأثيره سيكون فقط من الناحية الفيزيائية والعلمية.
هذه التوقعات أيضاً تُعيد فتح النقاش حول الاستثمار في الأماكن البحثية والبنية التحتية للفيزياء الفلكية، خاصة تلسكوبات غاما، مراصد الفضاء والتلسكوبات الأرضية ذات الحساسية العالية، التي يمكن أن تكشف ذبذبات الإشعاعات الناتجة عن هذه الانفجارات. كما أن التنسيق بين المؤسسات البحثية الدولية سيكون ضروريًا لتأكيد أي إشارة أو ظاهرة يُعتقد أنها انفجار ثقب أسود أولي.
في نهاية المطاف، يمكن القول إن الباحثين قد قدموا لنا سيناريوًّا نظريًا مثيرًا ومليئًا بالاحتمالات: احتمال انفجار ثقب أسود في السنوات القليلة القادمة ليس خياليًا وفق النماذج الجديدة، لكنه ليس كذلك مؤكدًا أيضًا؛ إنه دعوة للمراقبة الدقيقة والتجهيز بصريًا وتقنيًا؛ فمن يتابع السماء قد يكون شهيدًا لمشهد كوني عظيم لو تحقق.