خريجو الإلهيات كمعلمين في المدارس يثيرون جدلًا بالبرلمان

خريجو الإلهيات كمعلمين في المدارس يثيرون جدلًا بالبرلمان
خريجو الإلهيات كمعلمين في المدارس يثيرون جدلًا بالبرلمان

خريجو الإلهيات كمعلمين في المدارس يثيرون جدلًا بالبرلمان

شهد البرلمان التركي خلال الأيام الماضية نقاشًا واسعًا عقب طرح استجواب رسمي من النائب عن حزب الشعب الجمهوري (CHP) سوات أوزجاغداش، الذي وجّه أسئلة مباشرة إلى وزير التربية يوسف تكين بشأن آلية توظيف المعلمين في المدارس الحكومية، وبالتحديد ما يتصل بتعيين خريجي كليات الإلهيات كمعلمين، رغم أن هؤلاء ليسوا من خريجي كليات التربية.

الاستجواب الذي نُشر في وسائل الإعلام التركية أثار جدلًا واسعًا، إذ تساءل النائب عن أسباب لجوء وزارة التربية الوطنية إلى تشغيل مئات المعلمين على نظام الأجر الإضافي (Ek Ders) بدلًا من تعيين معلمين دائمين من خريجي كليات التربية الذين ينتظرون دورهم في قوائم التوظيف. ووفقًا لما ورد في نص الاستجواب، فإن العديد من هؤلاء المعلمين العاملين بنظام الساعات الإضافية ليسوا من خلفيات تربوية، بل من تخصصات مختلفة مثل الإلهيات، أو حتى من كليات غير متصلة بمجال التعليم بشكل مباشر.

وزير التربية يوسف تكين

هذا الطرح فتح نقاشًا حساسًا حول طبيعة المعايير التي تعتمدها الوزارة في اختيار الكوادر التعليمية، خصوصًا أن التعليم في تركيا يعاني منذ سنوات من جدل مستمر بين المطالب بزيادة التعيينات، والانتقادات الموجهة إلى أنظمة التعاقد المؤقت، والشكوك بشأن ما إذا كانت الأولوية تُعطى فعلًا لخريجي كليات التربية.

خلفية الاستجواب

النائب أوزجاغداش أشار في سؤاله إلى أن وزارة التربية الوطنية توظف آلاف المعلمين في المدارس العامة بصفة "معلمين بالأجر"، أي وفق عقود قصيرة المدى تعتمد على ساعات التدريس الفعلية، حيث يتلقى المعلم راتبًا مقابل كل ساعة تدريس يقدمها. ورغم أن هذه السياسة وُضعت لتغطية النقص في الكادر التعليمي، إلا أن التساؤلات تتزايد حول خلفيات بعض هؤلاء المعلمين، إذ أن قلة منهم مؤهلون أكاديميًا في مجال التربية والتعليم.

النائب طالب الوزير بإيضاحات مكتوبة حول:

أعداد المعلمين العاملين بالأجر الإضافي.

التخصصات الجامعية التي ينتمون إليها.

أسباب عدم ملء الشواغر بخريجي كليات التربية.

ما إذا كان هناك خطة للتقليل من الاعتماد على المعلمين بالأجر لمصلحة التعيينات الدائمة.

طلاب كليات التربية في وقفة احتجاجية

ردود الفعل في الأوساط التعليمية

طرح هذه القضية لم يقتصر تأثيره على قاعة البرلمان فحسب، بل أثار ردود فعل واسعة بين المعلمين وطلاب كليات التربية. فقد عبّر عدد من خريجي التربية عبر منصات التواصل الاجتماعي عن استيائهم من استمرار هذه السياسة، معتبرين أنها تقلل من قيمة تخصصاتهم الجامعية وتضعهم في حالة انتظار طويلة رغم اجتيازهم امتحانات مركزية مثل KPSS.

في المقابل، يرى آخرون أن خريجي كليات الإلهيات أو غيرها من التخصصات قد يملكون خبرات معرفية تتيح لهم التدريس، خصوصًا في بعض المواد مثل الدين أو الفلسفة، لكن هذا لا يعفي الوزارة من ضرورة وضع معايير دقيقة لتحديد أهلية كل معلم للمهمة التعليمية التي يكلف بها.

التأثير على التعليم في تركيا

الجدل الدائر حاليًا يعكس أزمة أعمق في قطاع التعليم التركي. فبحسب تقارير مؤسسات محلية، يوجد أكثر من 400 ألف خريج من كليات التربية ينتظرون التعيين منذ سنوات. هؤلاء يواجهون صعوبات مالية واجتماعية كبيرة بسبب عدم تمكنهم من الاندماج في سوق العمل رغم أنهم تخرجوا لتلبية حاجة أساسية في المجتمع.

معلم داخل الفصل الدراسي

الاعتماد على معلمين بالأجر الإضافي قد يوفر للوزارة مرونة في إدارة الأعداد والتكاليف، لكنه يثير تساؤلات حول جودة التعليم. فالمعلم غير المتخصص في علوم التربية قد يفتقر إلى أدوات التعامل مع الطلاب نفسيًا وتربويًا، حتى وإن كان متمكنًا من المادة العلمية.

الجدل السياسي

القضية لم تعد مجرد ملف إداري بل تحولت إلى محور نقاش سياسي. أحزاب المعارضة تتهم الحكومة بعدم وضع حلول جذرية لمشكلة البطالة بين خريجي كليات التربية، في حين ترى الحكومة أن نظام التوظيف بالأجر حل مؤقت لتغطية النقص حتى تتم التعيينات الجديدة.

كما أن ذكر خريجي كليات الإلهيات بشكل خاص فتح نقاشًا آخر يتعلق بمدى تسييس التعليم، إذ يخشى بعض المنتقدين من أن توظيف خريجي الإلهيات في مجالات لا تتعلق بتخصصهم قد يكون له أبعاد مرتبطة بالسياسات التعليمية والدينية في البلاد.

انعكاسات مستقبلية

من المتوقع أن يستمر النقاش حول هذه المسألة في البرلمان التركي خلال الأسابيع المقبلة، خاصة إذا ما طالب نواب آخرون بفتح ملف أوسع يشمل تقييم شامل لسياسات التعيين في وزارة التربية الوطنية. وإذا لم يتم وضع حلول عملية تضمن شفافية التوظيف وعدالة الفرص، فقد يتفاقم شعور الإحباط لدى آلاف الخريجين العاطلين عن العمل.

صورة توضيحية لامتحان KPSS أو طلاب ينتظرون التعيين.

الخلاصة

الاستجواب البرلماني بشأن توظيف خريجي كليات الإلهيات كمعلمين في المدارس الحكومية لم يكن مجرد سؤال عابر، بل فتح الباب أمام نقاش طويل حول مسار التعليم في تركيا، وحول العلاقة بين المؤهل الأكاديمي والحق في العمل في التدريس. وبينما ينتظر الرأي العام ردًا رسميًا من وزير التربية يوسف تكين، يظل السؤال الأبرز مطروحًا: هل سيتم وضع سياسات واضحة تُعيد الاعتبار لخريجي كليات التربية وتضمن توظيفهم وفق معايير شفافة، أم أن سياسة الاعتماد على معلمين من تخصصات أخرى ستبقى مستمرة؟

مشاركة على: