تجمّع حاشد في مكسيكو سيتي دعماً لغزة

تجمّع حاشد في مكسيكو سيتي دعماً لغزة
تجمّع حاشد في مكسيكو سيتي دعماً لغزة

تجمّع حاشد في مكسيكو سيتي دعماً لغزة

في السادس من سبتمبر/أيلول 2025، شهدت ساحة زوكالو الشهيرة في قلب العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي واحدة من أضخم الفعاليات التضامنية مع غزة منذ بدء التصعيد الأخير في القطاع. فقد تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو توثّق تجمّعًا بشريًا هائلًا، قدّره بعضهم بنحو 180 ألف شخص، رفعوا الأعلام الفلسطينية وهتفوا بشعارات تطالب بوقف الهجمات الإسرائيلية واحترام حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

المسيرة، التي دعت إليها منظمات مجتمع مدني وجمعيات داعمة للقضية الفلسطينية في المكسيك، ضمّت طيفًا واسعًا من المشاركين من مختلف الفئات والأعمار. ووفقًا لشهادات النشطاء، شاركت عائلات فلسطينية مقيمة في المكسيك، من بينها عائلة عابد المعروفة بنشاطها في مجال دعم اللاجئين، بالإضافة إلى لاجئين فلسطينيين آخرين قدموا من مدن مختلفة، إلى جانب مواطنين مكسيكيين متضامنين مع الشعب الفلسطيني. كما جذبت المسيرة حضورًا بارزًا لشابة فلسطينية تُدعى ألما قدمت من غزة مؤخراً، حيث ظهرت في مقاطع مصورة وهي تجهش بالبكاء أثناء ترديدها هتاف "الحرية لفلسطين"، في مشهد مؤثر تناقلته مئات الحسابات.

اللافتات التي حملها المتظاهرون تضمنت شعارات مثل "أوقفوا القصف"، "الحرية لفلسطين"، و"العدالة لغزة"، فيما تعالت الهتافات بلغات متعددة، بينها الإسبانية والإنجليزية والعربية. وأظهرت الصور التي جرى تداولها على نطاق واسع مشاهد لساحة زوكالو – إحدى أكبر الساحات العامة في العالم – وهي مكتظة بالحشود التي رفعت الأعلام الفلسطينية بجانب لافتات حقوقية، في مشهد وصفه مراقبون بأنه غير مسبوق في حجم التضامن مع غزة بأمريكا اللاتينية.

حتى الآن، لم تصدر السلطات المكسيكية أو الشرطة المحلية بيانات رسمية تؤكد العدد الدقيق للمشاركين في هذه الفعالية، غير أن ساحة زوكالو معروفة باستيعابها مئات الآلاف في المناسبات الوطنية والمظاهرات الكبرى، ما يجعل الأرقام المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي ممكنة من الناحية النظرية. ويؤكد محللون أن هذا الحشد يعكس تنامي الوعي الشعبي في المكسيك تجاه القضية الفلسطينية، وخصوصًا في ظل التغطية الإعلامية المكثفة للأوضاع في غزة.

ويأتي هذا التحرك في وقت يشهد فيه العالم موجة تضامن متزايدة مع الفلسطينيين، إذ شهدت الأسابيع الأخيرة تنظيم مسيرات مماثلة في عدة عواصم أوروبية مثل لندن وباريس وبرلين، وفي مدن أميركية مثل نيويورك وشيكاغو. هذه الفعاليات، بحسب خبراء في العلاقات الدولية، تمثل ضغطًا متزايدًا على الحكومات الغربية لإعادة النظر في سياساتها تجاه الشرق الأوسط، لاسيما في ما يتعلق بالدعم العسكري والسياسي لإسرائيل.

منظمات حقوقية مكسيكية، بينها "مركز حقوق الإنسان المكسيكي" و"اللجنة المكسيكية للتضامن مع فلسطين"، أصدرت بيانات عبرت فيها عن دعمها للمسيرة وأكدت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. كما طالبت هذه المنظمات الحكومة المكسيكية باتخاذ مواقف أكثر وضوحًا على الساحة الدولية لصالح حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك الدفع نحو وقف إطلاق النار في غزة ودعم مبادرات الأمم المتحدة ذات الصلة.

يُذكر أن ساحة زوكالو ليست مجرد موقع للتظاهر، بل تُعد قلب الحياة السياسية والاجتماعية في المكسيك، حيث شهدت على مدار العقود الماضية أحداثًا مفصلية من مظاهرات احتجاجية إلى احتفالات وطنية. واختيار المنظمين لهذه الساحة يعكس رغبتهم في إيصال رسالة قوية بأن التضامن مع غزة أصبح جزءًا من الخطاب العام في المكسيك، وليس مجرد قضية نخبوية أو محصورة في الجاليات العربية.

العديد من المشاركين في الفعالية أكدوا في تصريحات قصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن حضورهم جاء تعبيرًا عن التزامهم بالقيم الإنسانية العالمية، وليس بدافع الانتماء العرقي أو الديني. هذا التنوع في المشاركين منح الفعالية طابعًا عالميًا ورسالة مفادها أن قضية غزة تحظى بتعاطف واسع يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.

ويُشير مراقبون إلى أن هذه الموجة من المسيرات التضامنية قد تؤثر مستقبلاً على الرأي العام في أمريكا اللاتينية تجاه الصراع في الشرق الأوسط، وربما تدفع حكومات المنطقة إلى اتخاذ مواقف أكثر جرأة في المحافل الدولية. كما قد تشجع على تعزيز التعاون بين منظمات المجتمع المدني في المكسيك ونظيراتها في العالم العربي لدعم القضايا الإنسانية المشتركة.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه ردود الأفعال العالمية على التصعيد في غزة، تشكّل هذه المسيرة نموذجًا على كيفية تفاعل الرأي العام العالمي مع الأزمات الإنسانية، وتؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة رئيسية لحشد الجماهير وإيصال الرسائل التضامنية إلى أبعد مدى. ورغم غياب التغطية الواسعة لهذا الحدث في وسائل الإعلام التقليدية حتى الآن، إلا أن الصور والفيديوهات التي انتشرت أظهرت بوضوح حجم الدعم الشعبي الذي تلقاه القضية الفلسطينية في المكسيك.

مشاركة على: