
خطة ترامب لإنهاء حرب غزة: انسحاب إسرائيلي وشروط عربية
كشفت تقارير أمريكية، بينها موقع «أكسيوس»، عن خطة طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال فترة ولايته لإنهاء الحرب في غزة. وتهدف الخطة إلى وضع إطار شامل يعالج الجوانب الأمنية والسياسية والإنسانية للأزمة المستمرة منذ سنوات، وتعيد رسم العلاقة بين إسرائيل والقطاع في مرحلة ما بعد الحرب.
تبدأ الخطة بوقف إطلاق نار شامل ودائم بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، يتزامن معه انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع. ويعد هذا الانسحاب أول خطوة أساسية تمهّد لإعادة الحياة المدنية والسياسية إلى غزة بعيدًا عن السيطرة العسكرية الإسرائيلية. كما تتضمن الخطة إطلاق سراح جميع الأسرى والرهائن الفلسطينيين والإسرائيليين، في خطوة تهدف إلى خلق مناخ من الثقة يمكّن من تنفيذ باقي البنود.
وفي الجانب الأمني، تنص الخطة على نشر قوة مشتركة تضم عناصر فلسطينية بدعم عربي وإسلامي، بحيث تتولى مهام حفظ الأمن الداخلي في القطاع بعد انسحاب إسرائيل. وتشير المصادر إلى أنّ هذه القوة ستكون مزيجًا من أجهزة أمنية فلسطينية مدرّبة ومراقبين عرب، على أن تتلقى تمويلًا ودعمًا لوجستيًا من دول عربية وإسلامية لضمان فاعليتها واستقلاليتها.
أما إداريًا، فتقترح الخطة أن يكون هناك دور جزئي للسلطة الفلسطينية في إدارة الشؤون المدنية للقطاع، مثل التعليم والصحة والخدمات الأساسية، بالتعاون مع المؤسسات المحلية والأهلية، مع إنشاء هيكل إداري جديد يواكب إعادة الإعمار ويخفّف المعاناة عن السكان.
وتتضمن الخطة أيضًا برنامجًا واسعًا للتمويل العربي والإسلامي يهدف إلى إعادة إعمار غزة بعد الدمار الكبير الذي لحق بها نتيجة العمليات العسكرية المتكررة. وتشمل عملية الإعمار بناء البنية التحتية الأساسية، من شبكات كهرباء ومياه وصرف صحي وطرق ومساكن، إضافة إلى إعادة تشغيل المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والصحية.
في المقابل، وضع القادة العرب مجموعة من الشروط الصارمة لدعم هذه الخطة. في مقدّمتها التزام إسرائيل بعدم ضم أي أراضٍ من الضفة الغربية أو قطاع غزة إلى سيادتها المستقبلية، وعدم بناء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية. ويرى القادة العرب أن وقف الاستيطان وإيقاف الضم شرط أساسي لأي عملية سلام أو تهدئة طويلة المدى.
كما طالب القادة العرب بزيادة المساعدات الإنسانية فورًا لسكان غزة المتضررين، وذلك بالتزامن مع بدء تنفيذ الخطة، لتخفيف المعاناة الإنسانية الهائلة التي يعانيها القطاع منذ سنوات الحصار والحروب المتكررة.
وأكدت المصادر أن القادة العرب شددوا أيضًا على ضرورة التزام إسرائيل بعدم المساس بالوضع القائم في المسجد الأقصى أو محاولة تغييره، باعتبار أن هذه القضية تمثل حساسية دينية وسياسية كبرى لدى الشعوب العربية والإسلامية.
ومن بين الشروط التي وردت أيضًا، أن تتعهد الإدارة الأمريكية، ممثلة في ترامب، بألا تسمح مستقبلًا لإسرائيل بضم أجزاء جديدة من الأراضي الفلسطينية في إطار أي تسوية سياسية لاحقة، وهو ما وصفه مراقبون بأنه محاولة عربية للحصول على ضمانات أمريكية حقيقية لتنفيذ الخطة.
ويرى محللون أن الخطة الأمريكية – إذا ما جرى تنفيذها – قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في غزة، تقوم على إدارة فلسطينية – عربية مشتركة، وتؤسس لتسوية سياسية أوسع تشمل الضفة الغربية وملفات الحل النهائي. ومع ذلك، يشكك آخرون في إمكانية قبول إسرائيل بهذه الشروط الصارمة، خاصة في ظل الخلافات الداخلية لديها والضغوط السياسية التي تواجهها حكوماتها المتعاقبة.
وبحسب هذه المصادر، فإن الإدارة الأمريكية السابقة كانت تراهن على أن الدعم العربي والإسلامي للخطة سيوفر غطاءً سياسيًا واقتصاديًا يجعلها أكثر قبولًا لدى الأطراف المختلفة. لكن استمرار الخلافات الإسرائيلية – الفلسطينية، وغياب الثقة بين الجانبين، قد يعرقل تنفيذ البنود الأساسية، لا سيما تلك المتعلقة بالانسحاب الكامل ووقف الاستيطان.
كما أن نشر قوة أمنية عربية – فلسطينية مشتركة في غزة بعد انسحاب إسرائيل يطرح تساؤلات حول طبيعة هذه القوة، وآليات اختيار عناصرها، ومدى استعداد الدول العربية والإسلامية للمشاركة فيها سياسيًا وميدانيًا. وتؤكد المصادر أن هذه القوة ستكون تحت إشراف دولي محدود لضمان الشفافية، مع تقديم الدعم اللوجستي والمالي لها بشكل دوري.
من جانب آخر، يشير مراقبون إلى أن الخطة، رغم شمولها، لم تتطرق بشكل واضح إلى ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية أو مستقبل العلاقة بين غزة والضفة الغربية على المستوى السياسي، وهو ما قد يحدّ من فعاليتها ما لم يتم التوافق عليه فلسطينيًا وعربيًا في وقت لاحق.
وبذلك، تبقى خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة – رغم طموحها – رهينة مواقف الأطراف المختلفة، ومدى استعدادها لتقديم تنازلات متبادلة، وضمانات أمريكية حقيقية تضمن تنفيذ البنود الحساسة مثل الانسحاب الكامل، ووقف الاستيطان، وحماية الوضع القائم في المسجد الأقصى، وتوفير التمويل الكافي لإعادة الإعمار.