
هل تطبيقات VPN آمنة فعلاً؟ تحذير من استخدام البعض
في عصر تتزايد فيه القيود على حرية التصفح والمراقبة الإلكترونية، أصبحت خدمات الشبكة الافتراضية الخاصة (VPN) ملاذًا شائعًا للمستخدمين الراغبين في تجاوز الحجب وحماية هويتهم على الإنترنت. ومن خلال تقرير نشره موقع T24 نقلاً عن دراسة أجرتها مؤسسة Open Technology Fund، ظهر أن ليس كل تطبيقات VPN التي يظنها المستخدمون آمنة فعليًا تفي بهذا الوعد. وفقًا للتقرير، فإن عددًا من هذه التطبيقات – مثل Turbo VPN وVPN Proxy Master وXY VPN و3X VPN – صُنّفت بأنها «شديدة القلق» بسبب وجود ثغرات أمنية وغياب الشفافية في إدارتها. وتشير الدراسة إلى أن بعض الخدمات تسجّل خوادمها في دول ذات تشريعات مرنة على حفظ البيانات، لكنها تُدار فعليًا من دول ذات سيطرة أكبر أو قوانين رقابية، مما يطرح تساؤلات حول مصير بيانات المستخدمين.
من أبرز الخروقات التي أظهرها التقرير استخدام بروتوكول Shadowsocks بكلمات مرور ثابتة مخزنة داخل التطبيق، ما يجعلها عرضة للكشف وسوء الاستخدام، خصوصًا إذا تمكن طرف ثالث من الوصول إلى هذه المفاتيح. كما بيّن أن كثيرًا من خوادم VPN تُشغَّل عبر بنى تحتية مستأجرة لا تخضع لإدارة صارمة، وُجد أن بعضها يجمع بيانات الموقع الجغرافي للمستخدم أو يسجّل معلومات اتصال إضافية تتجاوز ما هو مطلوب لتشغيل الخدمة. الدراسة لفتت إلى ظاهرة العلامة البيضاء في سوق الـ VPN، حيث تطلق عدة تطبيقات مختلفة خدمات متطابقة خلف علامات تجارية متعددة تديرها جهات واحدة، مما يخفي الروابط الحقيقية بين الخدمات ويعيق قدرة المستخدمين على التحقق من من يقف وراء التطبيق.
بحسب التقرير، فإن التطبيقات الأربع المذكورة آنفًا قد تجاوزت كل منها مئة مليون تحميل عبر متاجر التطبيقات العالمية، ما يعني أن عدد المستخدمين المحتملين المعرضين للمخاطر يُقدَّر بالمئات الملايين حول العالم. كما أن بعض هذه التطبيقات تصنفها الدراسة ضمن فئة الأخطر، حيث إن الكود الذي تعمل به أو الإعدادات الافتراضية تؤدي إلى إساءة استخدام محتمل للبيانات. وقد وصف الباحث Benjamin Mixon-Baca الوضع بأنه «كارثي»، مؤكدًا أن المستخدمين يملكون انطباعًا خاطئًا بالأمان بينما هم في الواقع معرضون للإشراف أو الكشف في ظل ضعف الشفافية.

للمقارنة، رسم التقرير صورة مضيئة لتطبيقات أكثر مصداقية مثل ProtonVPN وMullvad وLantern، التي تتميز بسياسات «لا سجلات» وخوادم في دول ذات تشريع قوي لحماية الخصوصية، واستخدام بروتوكولات حديثة مثل OpenVPN وWireGuard. كما أوصى الباحثون بأن يختار المستخدمون VPN يظهر فيها بوضوح من يديرها، من أي دولة، وما هي السياسات التي تتبعها في حفظ البيانات، وكيفية التعامل مع طلبات الحكومات.
على جانب المستخدم، ينصح التقرير باتخاذ عدة تدابير: فحص سياسة الخصوصية للتطبيق، تفعيل التشفير الأقوى المتاح، تجنب العدول عن الأذونات الزائدة، واستخدام خدمة مدفوعة إذا أمكن، لأن الكثير من التطبيقات المجانية تعتمد على نمط الربح من الإعلانات أو بيع بيانات الاستخدام. كما يُوصى باستخدام منصات مرموقة أو مفتوحة المصدر لتفادي الاعتماد على مطوّريين غير معروفين.
في السياق التركي والعالم العربي، حيث يُستخدم VPN على نطاق واسع لتجاوز الحجب أو الوصول إلى المحتوى المحظور، يكتسب هذا التحذير أهمية مضاعفة. فالمستخدم قد يظن أنه محمي بالكامل، لكنه في الواقع قد يكون وقع في فخ تطبيق غير موثوق يُسجّل أنشطته أو يكشف موقعه. لذا فإن زيادة الوعي بأسماء التطبيقات الآمنة ومعايير اختيارها تُعتبر خطوة ضرورية لحماية الخصوصية الرقمية.
في الختام، التقرير لا ينفي فائدة VPN أصلًا، بل يدعو إلى انتقاء أكثر حرصًا وشفافية. فالإنترنت الآمن لا يُبنى على العقد دون فحص مضمونه، بل على المعرفة الصحيحية لمن تختار وكيف يستخدم التكنولوجيا.