بحث يكشف: كوفيد-19 يؤثر بشدة أكبر على الأفراد الضعفاء

بحث يكشف: كوفيد-19 يؤثر بشدة أكبر على الأفراد الضعفاء
بحث يكشف: كوفيد-19 يؤثر بشدة أكبر على الأفراد الضعفاء

تقرير: بحث يكشف: كوفيد-19 يؤثر بشدة أكبر على الأفراد الضعفاء

في تطور علمي جديد يعيد تسليط الضوء على الفوارق الفردية في استجابة الجسم لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، كشفت دراسة حديثة أُجريت في جامعة "هاكيتب" التركية بالتعاون مع "المعهد الأوروبي للعلوم الصحية" أن الأشخاص ذوي البنية الجسدية الضعيفة، أو من يعانون من نقص الكتلة العضلية ومعدلات منخفضة من الدهون الصحية في الجسم، يتأثرون بشكل أكبر بمضاعفات العدوى الفيروسية مقارنة بالأشخاص ذوي البنية المتوازنة أو القوية.

وبحسب ما نقلته صحيفة Dünya التركية، فإن الدراسة التي شملت أكثر من 4,800 مريض في تركيا وأوروبا خلال العامين الأخيرين، أظهرت أن الضعف الجسدي والمناعي عامل خطر مستقل يمكن أن يضاعف احتمالية دخول المستشفى بنسبة تصل إلى 65% مقارنةً بالمصابين ذوي الكتلة العضلية الطبيعية.

 

منهجية الدراسة وتفاصيل النتائج

قام فريق البحث، بقيادة الأستاذة الدكتورة "إسراء دميرال"، بتتبع مؤشرات الكتلة العضلية والدهون الصحية ومستويات البروتين التفاعلي (CRP) في أجسام المصابين قبل وأثناء العدوى. وتبيّن أن الأشخاص الذين يعانون من "ساركوبينيا" (ضعف أو فقدان الكتلة العضلية) كانت استجابتهم المناعية أبطأ، كما ارتفعت لديهم معدلات الالتهاب العام في الجسم.

وقالت الدكتورة دميرال في تصريحاتها للصحيفة:

"لم يعد التركيز على الوزن وحده كافيًا، فالمؤشر الأهم هو جودة الكتلة العضلية وقوة المناعة الخلوية. الأشخاص الذين لديهم ضعف في البنية لا يملكون احتياطًا كافيًا من الطاقة لمواجهة العدوى الممتدة، وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للإرهاق التنفسي والمضاعفات."

وأضافت أن نسبة المرضى ضعيفي البنية الذين احتاجوا إلى عناية مركزة بلغت 28%، مقارنةً بـ 17% فقط لدى المرضى ذوي البنية الطبيعية، بينما كانت نسبة الوفيات أعلى بـ 34% في الفئة الأولى.

 

ارتباط الحالة الغذائية بالمناعة

وربطت الدراسة بين التغذية غير المتوازنة، خاصة قلة تناول البروتينات الحيوانية والنباتية، وضعف الاستجابة المناعية في مواجهة العدوى الفيروسية. ووفقًا للنتائج، فإن انخفاض مستويات الزنك، فيتامين D، والأحماض الأمينية الأساسية كان من بين العوامل المشتركة بين المصابين بضعف البنية الذين تعرضوا لمضاعفات شديدة.

وأكد الباحثون أن النظام الغذائي المتكامل يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز المناعة الخلوية، مشيرين إلى أن تناول وجبات تحتوي على البروتين الكامل (كالبيض، اللحوم البيضاء، والبقوليات) بالإضافة إلى مضادات الأكسدة الطبيعية يمكن أن يقلل من فرص تطور الأعراض الحادة بنسبة تصل إلى 40%.

 

الذكور أكثر تأثرًا من الإناث

أظهرت النتائج أيضًا أن الرجال كانوا أكثر عرضة لتأثير الضعف الجسدي مقارنة بالنساء، حيث تبين أن الذكور الذين يعانون من ضعف الكتلة العضلية لديهم مخاطر أعلى للإصابة بالتهاب رئوي حاد ومضاعفات تنفسية. ويُعزى ذلك، وفق الباحثين، إلى الفروقات الهرمونية وتأثير هرمون التستوستيرون على الجهاز المناعي والعضلي.

وأشار البروفيسور "جان بولات"، أحد المشاركين في الدراسة، إلى أن

"النساء عادة ما يحتفظن بنسبة دهون معتدلة تدعم الاستجابة المناعية، بينما الرجال ذوو البنية الضعيفة يفتقرون إلى هذا التوازن الهرموني والدهني، ما يضعف مقاومتهم الفيروسية."

 

توصيات الباحثين: التغذية والرياضة كخط دفاع أول

خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات التي يمكن أن تسهم في تقليل مخاطر الإصابة الشديدة بفيروس كورونا وغيره من الأمراض المعدية، أبرزها:

الاهتمام ببناء الكتلة العضلية من خلال ممارسة التمارين المقاومة مرتين أسبوعيًا على الأقل.

زيادة تناول البروتينات الطبيعية بما يعادل 1.2 غرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا.

الحفاظ على مستويات فيتامين D من خلال التعرض للشمس وتناول المكملات بإشراف طبي.

تجنّب الحميات القاسية التي تضعف المناعة وتفقد الجسم عناصره الأساسية.

كما أوصت الدراسة بأن تقوم وزارات الصحة في الدول النامية بإطلاق برامج توعية غذائية موجهة للفئات الهشة — خصوصًا كبار السن والطلاب الجامعيين الذين يعيشون بمفردهم — لتعزيز الوعي بضرورة بناء جسم قوي قادر على مقاومة العدوى.

 

تأكيد من منظمة الصحة العالمية

وتتوافق هذه النتائج مع ما أعلنته منظمة الصحة العالمية (WHO) في تقريرها الصادر في أغسطس 2024، والذي أشار إلى أن ضعف البنية و"سوء التغذية الخفي" كانا من العوامل التي فاقمت آثار الجائحة في مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأكد التقرير أن تحسين جودة الغذاء ورفع اللياقة البدنية يجب أن يكونا من أولويات الحكومات في مرحلة ما بعد الجائحة.

 

رسالة ختامية: الجسد السليم درع المناعة الأول

مع استمرار تحورات فيروس كورونا وظهور سلالات فرعية جديدة مثل EG.5 وJN.1، تُذكّر الدراسة الجديدة بأن المناعة ليست فقط نتاج التطعيم أو العلاج، بل هي انعكاس مباشر لقوة الجسد وتوازنه. فالأفراد ضعيفو البنية ليسوا مجرد فئة معرضة أكثر للخطر، بل يمثلون مؤشرًا على ضعف المجتمع الصحي ككل.

وفي ختام التقرير، شدّد الباحثون على أن بناء صحة قوية لا يأتي بجرعة دواء واحدة، بل من نمط حياة مستدام يجمع بين التغذية السليمة، النوم الكافي، والنشاط البدني المنتظم.

مشاركة على: