جيل 6 من الشبكات قريب… لكن الحماس غائب هذه المرة
في مشهد يبعث على التأمل أكثر من الإثارة، أعلنت شركة Qualcomm – إحدى روّاد صناعة الشرائح والتقنيات اللاسلكية – عن أولى خطواتها نحو الجيل السادس للاتصالات اللاسلكية، المعروف بـ 6G. لكن المثير للانتباه ليس الإعلان نفسه، بل رد الفعل الهادئ نسبياً الذي رافقه، وهو ما يعكس شعورًا جماعيًا بأننا قد نكون في مرحلة «تكرار الإعلان» وليس الأولى في مرحلة «ثورة الاتصالات».
لماذا الحماس أقل هذه المرة؟
أحد الأسباب الرئيسية يكمن في أن الجيل الخامس (5G) لم يحقق حتى الآن كل الوعود التي رافقته عند الإطلاق: من المدن الذكية إلى السيارات ذاتية القيادة والواقع المعزّز، العديد من هذه التطبيقات لا تزال في مرحلة الاختبار أو التطوير. وهذا الأمر جعل الكثير من المستخدمين يتساءلون: «لماذا ننتقل إلى الجيل السادس إذا لم نستفد بالكامل من الجيل الخامس؟».
كما أن الاستخدام اليومي العادي – مثل تصفّح الإنترنت أو مشاهدة الفيديو – لا يعيقها الشبكات الحالية بشكل كبير، ما يقلّل من الإحساس بوجود «ضرورة ملحّة» للانتقال المبكر.
ما الجديد في 6G؟
بحسب ما يُستعدّ له القطاع التقني، فإن 6G تهدف إلى تحقيق سرعات تفوق بـ-10 إلى 100 مرّة ما يقدّمه الـ5G، وتقليص زمن الاستجابة إلى أقلّ من جزء من المليثانية، وربما تضم خدمات مثل الرؤية المعزّزة Holographic أو الربط العالمي للأشياء بشبكات أقمار صناعية.
لكنّ التحديات ضخمة: تجهيز البنى التحتية، تخصيص ترددات عالية (حتى تيراهرتز)، وضمان الوصول العادل لأنظمة الاتصالات؛ لذا فإن الطريق طويل قبل أن تصبح 6G واقعًا يستخدمه الجمهور.
لماذا التوقيت الآن؟
إطلاق 6G في هذا الوقت ليس مفاجئًا من الناحية التقنية – العديد من المختبرات بدأت العمل منذ سنوات – لكن ما أثاره الكشف الأخير هو توقيته: في وقت لا تزال فيه بعض المناطق في العالم تحاول توسيع تغطية 5G وجعلها أكثر موثوقية. النتيجة: استقبال متردد للإعلان وكثير من «محادثات ما قبل التطبيق» بدلاً من «فعل حقيقي».
ماذا يعني ذلك للمستهلك؟
لمستخدِم الهاتف العادي اليوم، لا فرق كبيرًا بين 5G المتاحة الآن و6G المُشاع – ففي الاستخدام اليومي، خدمات الاتصال والبث تعمل بكفاءة. لكن على المدى البعيد، قد تقدّم 6G تغيّرات جوهرية في:
الربط بين الأجهزة الذكية والخدمات بقدرات ضخمة.
دعم أنظمة الواقع المعزّز والافتراضي بشكل أعمق وأوسع.
بنى تحتية رقمية تُسهّل مدنًا ذكيةً أكثر، تنقلًا ذاتيًا أكثر انتظامًا، وربما «إنترنت الأشياء» بآلاف المرات.
لكن حتى تتحوّل هذه الإمكانات إلى واقع، لا يزال أمامنا عدة سنوات من العمل والتطوير.
ماذا تقول تركيا؟
في تركيا كما في كثير من الدول، المحطات الكبرى للجيل الخامس ما تزال تُطرح أو تُوسّع في العديد من المدن، والتحدّي الأساسي اليوم ليس فقط السرعة القصوى، بل جودة التغطية وانتشار الخدمة ومعايير الأمان. لذا فإن الإعلان عن 6G يُرَى من جانب البعض كتذكير بأن السباق مستمر، وليس بالضرورة تحولًا جذريًا فوريًّا.