إفلاس شركة تركية كبرى بعد 39 عامًا من العمل في السوق المحلي

إفلاس شركة تركية كبرى بعد 39 عامًا من العمل في السوق المحلي
إفلاس شركة تركية كبرى بعد 39 عامًا من العمل في السوق المحلي

إفلاس شركة تركية كبرى بعد 39 عامًا من العمل في السوق المحلي

أنقرة – أعلنت السلطات القضائية في العاصمة التركية أنقرة رسميًا إفلاس شركة الشحن العملاقة أنقرة إكسبريس للشحن، بعد نحو 39 عامًا من العمل المتواصل في السوق المحلي. القرار صدر عن المحكمة التجارية الابتدائية الثالثة في أنقرة، التي رفضت طلب الشركة بالحصول على مهلة "اتفاق" لتسوية ديونها، مؤكدة أنها لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين.

تأسست الشركة في عام 1986، وكانت تُعد واحدة من أبرز الأسماء في قطاع النقل البري داخل تركيا، إذ امتلكت شبكة واسعة من الفروع تجاوزت 70 نقطة خدمة تغطي مختلف الولايات. على مدار عقود، شكّلت الشركة جزءًا مهمًا من منظومة الخدمات اللوجستية في البلاد، وساهمت في دعم التجارة الداخلية ونقل البضائع بين المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير.

غير أن التحديات الاقتصادية التي واجهت السوق التركي في السنوات الأخيرة، خاصة تقلبات سعر الصرف وارتفاع تكاليف الوقود والخدمات التشغيلية، وضعت ضغوطًا كبيرة على شركات النقل المحلية، وأثّرت سلبًا على قدرتها على الحفاظ على توازنها المالي. وفي هذا السياق، لم تتمكن الشركة من تجاوز أزمتها المتفاقمة رغم محاولات إعادة الهيكلة وتقديم طلبات للتوافق المالي.

شاحنات نقل متوقفة في مستودع فارغ

إجراءات قانونية انتهت بالإفلاس

أوضحت مصادر قضائية أن المحكمة درست أوضاع الشركة المالية على مدى الأشهر الماضية، وراجعت حجم الديون المستحقة ومصادر الدخل المتاحة. وبعد المداولات، قررت أن الشركة ليست في وضع يسمح لها بتغطية التزاماتها أو الاستمرار في نشاطها التجاري بشكل مستدام. وبناءً على ذلك، تم رفع قرار التأجيل المؤقت للإفلاس الذي كانت تستفيد منه الشركة مؤخرًا، وأُعلن الحكم النهائي بإفلاسها.

ويُنتظر أن تبدأ الجهات المختصة قريبًا إجراءات تصفية الأصول وسداد المستحقات وفق الأولويات القانونية المعمول بها في تركيا.

انعكاسات على قطاع النقل المحلي

يُشير محللون اقتصاديون إلى أن إفلاس شركة بحجم أنقرة إكسبريس يعكس حجم التحديات التي تواجهها شركات النقل والشحن في السوق التركي. فخلال السنوات الأخيرة، شهد القطاع تقلصًا في هوامش الربح بسبب زيادة أسعار الوقود وارتفاع تكاليف العمالة، إلى جانب المنافسة الشديدة من الشركات الصغيرة التي تقدم خدمات بأسعار أقل.

ويرى الخبراء أن هذا التطور قد يدفع الحكومة التركية إلى مراجعة سياسات الدعم الموجهة للقطاع اللوجستي، خاصة مع تزايد أهمية خدمات النقل الداخلي في دعم حركة التجارة بين المدن والمناطق الصناعية.

خلفية عن قطاع الشحن في تركيا

يُعد قطاع الشحن والنقل الداخلي من أكثر القطاعات حيوية في الاقتصاد التركي، حيث يعمل فيه مئات الآلاف من العمال والسائقين، وتقدّر مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 12%. وتعمل في هذا المجال آلاف الشركات بمستويات مختلفة من القدرات المالية والتقنية.

ورغم التطور الكبير في البنية التحتية خلال العقدين الماضيين، إلا أن بعض الشركات القديمة واجهت صعوبات في التكيف مع التحولات التكنولوجية ومتطلبات السوق الحديثة، مثل أنظمة التتبع الرقمي وإدارة الأسطول الذكية، وهو ما جعلها أقل قدرة على المنافسة في بيئة تتسم بالسرعة والتطور المستمر.

ردود فعل محدودة

حتى لحظة إعداد هذا الخبر، لم تصدر الشركة أو إدارتها السابقة أي بيان رسمي يوضح موقفها من قرار المحكمة، كما لم تُعرف بعد الخطوات التي قد يتخذها المساهمون أو الشركاء التجاريون.
من جهتهم، أبدى عدد من العاملين السابقين في القطاع أسفهم على انتهاء مسيرة شركة كانت تُعد رمزًا من رموز النقل الداخلي في البلاد، مؤكدين أن الإفلاس لا يعكس ضعفًا في الإدارة فقط، بل يسلّط الضوء على صعوبات السوق التي طالت العديد من المؤسسات المشابهة.

تداعيات اقتصادية أوسع

يعتقد خبراء أن حالات الإفلاس في قطاع النقل التركي مرشحة للزيادة إذا لم تُتخذ إجراءات لدعم الشركات المتوسطة والصغيرة، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والضرائب المرتبطة بها. كما أن التباطؤ النسبي في الطلب المحلي بعد جائحة كورونا أثر على حجم الشحنات المتداولة، ما زاد من الأعباء على الشركات العاملة في المجال.

ويؤكد اقتصاديون أن التوازن بين تحديث الأسطول والحفاظ على استقرار مالي للشركات بات ضرورة استراتيجية، مشيرين إلى أن الحكومة قد تتدخل في المستقبل لوضع برامج دعم محددة للشركات اللوجستية ذات التاريخ الطويل والخبرة التشغيلية العالية.

نهاية حقبة في قطاع الشحن

يمثل إعلان إفلاس شركة أنقرة إكسبريس للشحن نهاية فصل طويل من فصول قطاع الخدمات اللوجستية في تركيا، الذي شهد تغيّرات هائلة منذ ثمانينيات القرن الماضي. فالشركة، التي بدأت مسيرتها بثلاث شاحنات فقط، تحولت في التسعينيات إلى أحد الأعمدة الأساسية للنقل بين المدن، قبل أن تتراجع تدريجيًا مع دخول المنافسة الرقمية وتغير أنماط الاستهلاك.

ورغم أن السوق التركي لا يزال يحتضن عشرات الشركات الكبرى، إلا أن خبراء يحذرون من أن استمرار الظروف الاقتصادية الراهنة دون حلول جذرية قد يؤدي إلى مزيد من الخسائر في القطاع خلال السنوات المقبلة.

مشاركة على: