البابا يلتقي الفنان روبرت دي نيرو في الفاتيكان

البابا يلتقي الفنان روبرت دي نيرو في الفاتيكان
البابا يلتقي الفنان روبرت دي نيرو في الفاتيكان

البابا يلتقي الفنان روبرت دي نيرو في الفاتيكان

روما – 7 نوفمبر 2025

في لقاء حمل طابعًا إنسانيًا وثقافيًا، استقبل البابا ليو الرابع عشر، رئيس الفاتيكان والزعيم الروحي للكنيسة الكاثوليكية، الممثل الأمريكي الإيطالي الشهير روبرت دي نيرو في القصر الرسولي بمدينة الفاتيكان.
وجاء اللقاء ضمن زيارة الفنان العالمي إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث حضر عددًا من الفعاليات الثقافية والفنية، وتسلّم خلالها أرفع وسام تمنحه بلدية روما تكريمًا لمسيرته السينمائية الطويلة.

 لقاء إنساني بطابع ودي

ذكرت وكالة Vatican News، وهي إحدى المنصات الرسمية للفاتيكان، أن البابا ليو الرابع عشر استقبل دي نيرو في لقاء خاص صباح الجمعة، حيث تبادل الطرفان الحديث بروح من الدعابة والود.
وأظهرت الصور التي نشرها الفاتيكان على حساباته الرسمية البابا ودي نيرو وهما يبتسمان ويتبادلان النكات في أجواء مفعمة بالدفء الإنساني.

ونقل الموقع أن الممثل الحائز على جائزتي أوسكار أعرب عن امتنانه الكبير لحفاوة الاستقبال، مؤكّدًا أن لقائه مع البابا كان تجربة مؤثرة على المستوى الشخصي والروحي، لا سيّما أنه يعود بجذوره إلى عائلة إيطالية كاثوليكية.

 تكريم فني في قلب روما

جاء اللقاء بعد يوم واحد فقط من تكريم روبرت دي نيرو في بلدية روما، حيث منحه عمدة المدينة روبرتو جوالتيري وسام “الذئب الروماني” (Lupa Capitolina)، وهو أرفع وسام مدني في العاصمة الإيطالية.
وقال جوالتيري خلال الحفل إن هذا التكريم يأتي تقديرًا لـ“إسهامات دي نيرو الاستثنائية في عالم السينما، وقدرته على تجسيد الإنسان في مختلف ملامحه وتناقضاته”.

وردّ دي نيرو بكلمة مؤثرة عبّر فيها عن سعادته قائلاً:

“روما ليست مجرد مدينة بالنسبة لي، بل هي جزء من هويتي. أشكر رئيس البلدية ومدينة روما على هذا الشرف الكبير. هذا التكريم له معنى خاص لأن جذوري تعود إلى إيطاليا، وهذه البلاد منحت العالم الكثير في الثقافة والفن والجمال.”

 روبرت دي نيرو: من هوليوود إلى الفاتيكان

يُعدّ روبرت دي نيرو أحد أبرز نجوم السينما في العالم، اشتهر بأدواره في أفلام خالدة مثل “العرّاب 2”، “سائق التاكسي”، و*“الأصدقاء الطيبون”*.
على مدى أكثر من خمسة عقود، مثّل دي نيرو مدرسة قائمة بذاتها في التمثيل الواقعي والنفسي، وحصل على عشرات الجوائز العالمية من بينها الأوسكار والغولدن غلوب.

وتأتي زيارته إلى الفاتيكان في سياق اهتمامه المتزايد بالثقافة الأوروبية والإرث الروحي لإيطاليا، حيث يملك الممثل علاقة وثيقة مع البلاد التي ينحدر منها أجداده.

 مشروع فندقي واستثمارات ثقافية

إلى جانب نشاطه السينمائي، افتتح دي نيرو خلال زيارته فندقًا جديدًا في روما بالشراكة مع مجموعة استثمارية إيطالية، ليكون إضافة جديدة لسلسلة الفنادق الفاخرة التي يملكها في عدد من المدن العالمية مثل نيويورك ولندن وطوكيو.

وخلال الافتتاح، صرّح دي نيرو بأنه يرى روما "مدينة تجمع الماضي بالحاضر، وأنها تستحق أن تبقى مركزًا عالميًا للفن والثقافة."
وأضاف:

“أردت أن أقدّم شيئًا يعكس روح هذه المدينة التي ألهمتني طوال مسيرتي.”

 رسالة سياسية غير مباشرة

وأشارت بعض التقارير الإيطالية إلى أن دي نيرو، المعروف بانتقاداته العلنية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، علّق خلال حفل الافتتاح على الأوضاع السياسية في الولايات المتحدة قائلاً إنه "متفائل بالمستقبل بعد انتخاب زوران مامداني رئيسًا لبلدية نيويورك"، معبّرًا عن أمله في أن "تتحرر أمريكا من حقبة ترامب نهائيًا".

ورأى مراقبون أن هذا التصريح يحمل نغمة تفاؤل معتدلة من دي نيرو، الذي اشتهر بمواقفه الحادة تجاه التيارات اليمينية في الولايات المتحدة.

 الفاتيكان والفن: حوار الثقافات

من جانب آخر، علّق مصدر في الفاتيكان بأن اللقاء بين البابا ودي نيرو يندرج في إطار تشجيع الحوار بين الدين والفن، وهو توجه يتبناه البابا ليو الرابع عشر منذ بداية حبريّته.
ويولي الفاتيكان أهمية متزايدة لدور السينما والفنون في نشر رسائل السلام والعدالة والتفاهم الإنساني.

وقال المصدر إن “الفن الحقيقي يمكن أن يكون جسرًا بين الشعوب، تمامًا كما يمكن للإيمان أن يكون لغة تجمع ولا تفرّق.”

خلفية: علاقة الفاتيكان بالسينما

الفاتيكان لطالما احتفظ بعلاقة وثيقة مع عالم السينما، إذ دأبت مؤسساته الثقافية على تنظيم عروض سينمائية دولية ومنتديات للحوار الفني، كان آخرها في يونيو الماضي بعنوان “الفن كجسر بين الأديان”.
وخلال العقد الأخير، استضاف البابا أكثر من فنان عالمي في لقاءات رمزية، كان من أبرزهم:

ليوناردو دي كابريو عام 2016،

ستيفن سبيلبرغ عام 2019،

مارتن سكورسيزي عام 2023.

وتُعد زيارة دي نيرو اليوم استمرارًا لهذا النهج، الذي يهدف إلى توظيف الفن في خدمة القيم الإنسانية العالمية.

 تحليل: رمزية اللقاء وتأثيره الثقافي

يرى محللون ثقافيون أن لقاء البابا بدي نيرو يحمل أبعادًا رمزية تتجاوز المجاملة البروتوكولية، فهو يجمع بين السلطة الروحية والسلطة الثقافية في مشهد واحد يرمز إلى التواصل بين الإيمان والإبداع.
ويشير آخرون إلى أن اللقاء يأتي في وقت يشهد فيه العالم تصاعدًا في الاستقطاب الديني والثقافي، ما يجعل من الحوار الفني وسيلة فعالة لبناء جسور التفاهم.

وبينما يُنظر إلى دي نيرو كرمز للسينما الواقعية الصادقة، يرى الفاتيكان في الفن وسيلة لتقوية القيم الأخلاقية والإنسانية — وهو ما يجعل اللقاء بين الطرفين حدثًا ذا دلالة ثقافية وروحية عميقة.

خاتمة

اختتم دي نيرو زيارته إلى روما والفاتيكان بتصريحات مقتضبة شكر فيها البابا ليو الرابع عشر على استقباله، مؤكدًا أن اللقاء “سيبقى من أكثر اللحظات تأثيرًا في حياته”.
في المقابل، أعرب الفاتيكان عن تقديره للفنان الأمريكي “الذي سخّر موهبته لإبراز الإنسان في جوهره”.

هكذا، اجتمع الفن والإيمان في لحظة رمزية بالعاصمة الإيطالية، جمعت بين رمز ديني عالمي وأسطورة من أساطير السينما الحديثة، في مشهد يلخص المعنى الإنساني المشترك بين الإبداع والروح.

مشاركة على: