أزمة تهز أنطاليا السياحية.. الفنادق عاجزة عن إيجاد موظفين محليين

أزمة تهز أنطاليا السياحية.. الفنادق عاجزة عن إيجاد موظفين محليين
أزمة تهز أنطاليا السياحية.. الفنادق عاجزة عن إيجاد موظفين محليين

أزمة تهز أنطاليا السياحية.. الفنادق عاجزة عن إيجاد موظفين محليين

تشهد مدينة أنطاليا، الوجهة السياحية الأهم في تركيا، أزمة متفاقمة تهدد أحد أكثر القطاعات حيوية في البلاد، إذ تعاني الفنادق والمنتجعات من نقص حاد في العمالة المحلية بالتزامن مع اقتراب موسم سياحي جديد يتوقّع أن يكون مزدحمًا بالأجانب أكثر من أي وقت مضى.

بحسب تقرير تم نشره في صحيفة الاقتصادية بتاريخ 8 نوفمبر 2025، فإن مشغّلي الفنادق ومديريها يعيشون حالة من القلق، بعد أن أصبحت العديد من المنشآت تعمل بطاقات تشغيلية أقل من المعتاد نتيجة العجز في عدد الموظفين، خاصة في الأقسام الخدمية التي تتطلب مهارة ودقة عالية مثل الاستقبال والمطبخ والتنظيف والإدارة الداخلية.

رئيس جمعية مديري الفنادق المحترفين (POYD) هاكان سآتجي أوغلو أوضح أن النقص في الكوادر أصبح واضحًا بشكل غير مسبوق، مشيرًا إلى أن بعض الفنادق اضطرت في الموسم الماضي إلى استقدام موظفين من الخارج، لا سيما من دول آسيا الوسطى والبلقان، لتغطية الشواغر في الوظائف الأساسية.
وقال سآتجي أوغلو في تصريحاته:

“نحن لا نريد أن نفقد الطابع المحلي للسياحة التركية، لكن استمرار هذا النقص يعني أننا سنضطر لتكرار تجربة استقدام العمالة الأجنبية، وهو خيار مكلف وغير مرغوب.”

وأشار التقرير إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة في المدن السياحية، إلى جانب ساعات العمل الطويلة وضغط الموسم، جعل الكثير من العمال الأتراك يفضلون ترك وظائفهم في الفنادق والانتقال إلى قطاعات أخرى أكثر استقرارًا. كما أدت الهجرة الداخلية إلى المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة إلى تقليص عدد العاملين المتاحين في الساحل الجنوبي.

وبحسب بيانات وزارة السياحة والثقافة التركية، استقبلت أنطاليا أكثر من 17 مليون سائح منذ مطلع 2025، ما جعلها واحدة من أكثر المدن زيارة في العالم. إلا أن هذا النجاح الضخم أصبح عبئًا في ظل تراجع الإقبال على الوظائف السياحية المحلية.

الجمعيات المهنية بدورها بدأت بالتحرك بالتعاون مع الحكومة لإطلاق برامج تدريب وتأهيل تستهدف الشباب والخريجين الجدد، بهدف إحياء الاهتمام بالقطاع السياحي وتزويده بالمهارات المطلوبة. وتشمل هذه المبادرات منحًا دراسية قصيرة، وتدريبًا عمليًا في الفنادق الكبرى، إضافة إلى حوافز سكنية لتخفيف العبء المعيشي على الموظفين الموسميين.

ويرى خبراء السياحة أن تحسين الرواتب وظروف العمل هو الحل الجذري لأزمة العمالة، إذ لا يمكن الاعتماد على حملات التوظيف وحدها في ظل المنافسة الشديدة مع قطاعات أخرى مثل التجارة والخدمات اللوجستية. كما أن رفع مستوى الكفاءة المهنية للعمال المحليين سيعزز من مكانة تركيا عالميًا كمركز سياحي يعتمد على كوادره الوطنية.

وفي المقابل، دعا اتحاد أصحاب الفنادق في تركيا (TÜROFED) إلى تقديم دعم مالي للمؤسسات التي تلتزم بتوظيف الأتراك وتدريبهم، مؤكدًا أن البلاد بحاجة إلى أكثر من 50 ألف موظف إضافي لتلبية احتياجات موسم 2026 المقبل.

ويخشى الخبراء من أن يؤدي استمرار العجز إلى تراجع جودة الخدمات الفندقية في بعض المناطق، ما قد ينعكس على تجربة السائح ويؤثر سلبًا على سمعة تركيا السياحية التي بُنيت على مزيج من الضيافة المحلية والأسعار المنافسة.

في ظل هذا الواقع، تتحرك أنطاليا على أكثر من محور: من جهة تبحث الجمعيات عن حلول طويلة الأمد لإعادة تأهيل الكوادر المحلية، ومن جهة أخرى تسعى إدارات الفنادق إلى سد الثغرات عبر أنظمة دوام مرنة وتدريب سريع للمستجدين.

ويبقى السؤال الأبرز: هل تستطيع تركيا تجاوز هذه الأزمة قبل بداية موسم الصيف القادم؟
الإجابة، كما يرى المراقبون، ستعتمد على قدرة القطاع على تحويل التحدي إلى فرصة لإصلاح بيئة العمل وتعزيز مكانة العامل التركي كعنصر رئيسي في نجاح السياحة الوطنية.

حتى ذلك الحين، تظل أنطاليا — لؤلؤة المتوسط — في حالة استنفار دائم بين الحفاظ على سمعتها كعاصمة للضيافة، والسعي لإيجاد من يخدم ضيوفها كما تستحق.

مشاركة على: