لماذا أغلقت تركيا مناطق واسعة في هاتاي أمام الإقامة؟

لماذا أغلقت تركيا مناطق واسعة في هاتاي أمام الإقامة؟
لماذا أغلقت تركيا مناطق واسعة في هاتاي أمام الإقامة؟

لماذا أغلقت تركيا مناطق واسعة في هاتاي أمام الإقامة؟

إسطنبول – نيو ترك بوست

تُعد ولاية هاتاي واحدة من أكثر الولايات حساسية في ملف الإقامة للأجانب خلال السنوات الأخيرة، إذ شهدت تغييرات اجتماعية وديموغرافية كبيرة، تفاقمت بعد كارثة الزلزال في فبراير 2023. ونتيجة لهذه التحولات، أصبحت هاتاي من بين أكثر الولايات التي أغلقت أحيائها أمام الإقامة قصيرة وطويلة الأمد للأجانب، وهي خطوة تعكس رؤية جديدة للحكومة التركية تجاه إدارة الهجرة في المناطق الحدودية.

في التقرير التالي، تقدم نيو ترك بوست تحليلاً موسعًا لأسباب الإغلاق، وموقع هاتاي في سياسة الهجرة التركية، وتأثير القرارات على الجالية العربية، والتوقعات المستقبلية للولاية.


أولاً: لماذا تُعد هاتاي حالة استثنائية؟

1. موقعها الحدودي مع سوريا

هاتاي تقع على أطول خط حدودي مع سوريا تقريبًا، ومع الأحداث الإقليمية أصبحت نقطة عبور رئيسية، وهو ما جعلها تستقبل أعدادًا كبيرة من اللاجئين منذ 2011.

هذا الصعود الحاد في أعداد الأجانب جعل بعض أحياء الولاية تتجاوز نسبة 25% وهي الحدود القصوى التي وضعتها وزارة الداخلية لفتح أو إغلاق الأحياء أمام الإقامة.


2. تأثيرات الزلزال القوي عام 2023

زلزال 6 فبراير 2023 كان نقطة تحوّل خطيرة:

تدمير آلاف المباني

نزوح عشرات الآلاف من السكان الأتراك

انتقال أعداد كبيرة من السكان إلى ولايات أخرى

بقاء جزء كبير من الجالية الأجنبية في المناطق المتضررة

هذا خلق اختلالًا ديموغرافيًا حادًا، حيث أصبحت نسب الأجانب في بعض المناطق أعلى من نسب الأتراك.

وبحسب إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD)، فقد كانت هاتاي من بين أكثر الولايات تضررًا.


3. الضغط على الخدمات العامة

الخدمات التي تأثرت بشكل مباشر:

المستشفيات

المدارس

شبكات المياه والكهرباء

البنية التحتية التي تعمل بالحد الأدنى بعد الزلزال

زيادة عدد الأجانب وسط هذا الوضع كان يمكن أن يعمّق الأزمة، لذا عززت الدولة سياسة الإغلاق.


4. توصية مجلس الهجرة الاستراتيجي

مجلس الهجرة التركي ـ وهو أعلى هيئة تُعنى بإدارة ملف الهجرة ـ أوصى بتشديد الإقامة في الولايات الحدودية، خصوصًا:

غازي عنتاب

هاتاي

كيليس

شانلي أورفا

وذلك للحفاظ على التوازن الديموغرافي ومنع “التجميّع السكاني” في مدن معينة.


ثانياً: كيف تم تحديد الأحياء المغلقة في هاتاي؟

الهجرة التركية تعتمد على معيار رئيسي:

📌 رفع الحي إلى “منطقة مغلقة للإقامة” إذا تجاوز الأجانب نسبة 20–25% من سكانه.

في هاتاي، تجاوزت العديد من الأحياء هذا الحد، خاصة:

أنطاكيا (Antakya)

الريحانية (Reyhanlı)

اسكندرون (İskenderun)

كركهان (Kırıkhan)

ديفنة (Defne)

أرزو (Arsuz)

هاصا (Hassa)

ومعظم هذه الأحياء الآن تظهر في قائمة “المناطق المغلقة للإقامة” في النظام الرسمي للهجرة.


ثالثاً: ما معنى أن المنطقة “مغلقة للإقامة”؟

المعنى القانوني للمنطقة المغلقة هو:

لا يمكن للأجانب الحصول على إقامة جديدة فيها

لا يمكن تجديد إقامة في نفس العنوان

لا يمكن تحويل نوع الإقامة داخل هذا الحي

لا يمكن تسجيل سكن جديد للأجانب

يُستثنى حديثو الولادة وحالات الزواج المختلط


رابعاً: تأثير القرار على الجالية العربية في هاتاي

هاتاي تضم واحدة من أكبر الجاليات العربية في تركيا، خاصة من:

السوريين

العراقيين

الفلسطينيين

اليمنيين

وكانت القرارات الأخيرة لها تأثير مباشر عليهم:

1. صعوبة تجديد الإقامة

كثير من العائلات وجدت نفسها مضطرة للانتقال إلى ولايات أخرى مثل:

مرسين

أضنة

قونية

قيصري

خصوصًا لأن أسعار الإيجارات أصبحت مرتفعة بعد الزلزال.


2. انتقال الطلاب والجامعيين

بعض الجامعات في هاتاي نقلت مقراتها مؤقتًا بعد الزلزال، ما جعل الكثير من الطلبة الأجانب ينتقلون إلى مدن أخرى، الأمر الذي خفّض طلبات الإقامة التعليمية في الولاية.


3. تغيّر الخريطة السكانية

الأتراك الذين غادروا الولاية بعد الزلزال لم يعودوا جميعًا، بينما بقي جزء كبير من الجالية الأجنبية، ما جعل نسب الأجانب في الأحياء أعلى من المتوسط الطبيعي.


4. ارتفاع الإيجارات ومحاولات ضبط السوق

بعد الإغلاق، شهد السوق العقاري موجة انتقالات:

زيادة الطلب في الأحياء غير المغلقة

تضخم أسعار الإيجار في بعض المناطق

انتقال العرب إلى مدن أخرى


خامساً: مقارنة هاتاي مع ولايات أخرى

تشابه كبير مع غازي عنتاب وماردين

مثل غازي عنتاب وماردين، تعاني هاتاي من:

ضغط حدودي

نسب أجانب مرتفعة

تحديات ديموغرافية

مناطق عمرانية مهددة بعد الزلزال

لكن هاتاي أكثر تعقيدًا

فهي:

✔ ولاية حدودية
✔ تعرضت لكارثة إنسانية
✔ تضم كثافة عربية عالية
✔ لديها بنية تحتية قيد إعادة البناء

وهذا يجعل الإغلاق فيها أوسع من كثير من الولايات الأخرى.


سادساً: توقعات مستقبل ملف الإقامة في هاتاي

بالنظر إلى البيانات الرسمية والخطط الحكومية:

1. استمرار إغلاق الأحياء على المدى المتوسط

من المتوقع استمرار الإغلاق حتى:

إعادة إعمار المناطق المهدمة

عودة السكان الأصليين

تحقيق توازن ديموغرافي

2. احتمال فتح مناطق جديدة تدريجيًا

المناطق التي ستُعاد إعمارها أولًا قد تُفتح، لكن تدريجيًا وبشروط.

3. استمرار التحول إلى مشاريع الإسكان الحكومي (TOKİ)

هذه المشاريع ستساعد في إعادة توزيع السكان، ما قد يخفّف الضغط على مناطق الإغلاق.

4. توسع الهجرة التركية في استخدام نظام الذكاء الاصطناعي لتقييم الأحياء

هناك خطة لربط:

نسب الأجانب

كثافة السكان

سعة الخدمات العامة

بيانات الشرطة

لتحديد مصير كل حي.


سابعاً: الخلفية الرسمية لقرارات الإغلاق

وزارة الداخلية تؤكد أن الهدف:

تحقيق الاندماج الاجتماعي

منع تشكّل أحياء مكتظة بالأجانب

الحفاظ على توازن المدن

تسهيل توزيع الخدمات بعد الزلزال

كما أكدت أن القرارات لا تستهدف جنسية بعينها.

مشاركة على: