تحقيق في تجارة الذهب: خسارة عامة تقدر بـ 100 مليار ليرة

تحقيق في تجارة الذهب: خسارة عامة تقدر بـ 100 مليار ليرة
تحقيق في تجارة الذهب: خسارة عامة تقدر بـ 100 مليار ليرة

تحقيق في تجارة الذهب: خسارة عامة تقدر بـ 100 مليار ليرة

في خطوة قضائية كبيرة، أعلنت النيابة العامة في إسطنبول عن إطلاق تحقيق موسّع في شبكة يُزعم أنها ارتكبت مخالفات كبيرة في تجارة الذهب والفضة، مما تسبّب بخسارة عامة كبيرة تقدر بنحو 100 مليار ليرة تركية

خلفية التحقيق

وفقًا للبيان الصادر عن إسطنبول Cumhuriyet Başsavcılığı (النيابة العامة في إسطنبول)، هناك اتهامات بأن بعض المتهمين أ سوء استخدام “الدعم بالعملات الأجنبية” (döviz teşvikleri) من خلال تأسيس شركات جديدة بأسماء “الطرف الثاني أو الثالث” بهدف التهرب من القوانين وارتكاب صفقات غير قانونية في استيراد واستغلال المعادن الثمينة. 

بين الفترة ما بين 9 يناير 2023 إلى 10 ديسمبر 2024، تقول النيابة إن هذه الشركات استوردت كميات ضخمة من الذهب والفضة ضمن ما يُعرف بـ “نظام المعالجة الداخلية” (Dahilde İşleme Rejimi)، ولكنّ جزءًا كبيرًا من هذه الكميات لم يُصدر كما يفترض، بل تم التلاعب بها بطريقة تخالف القوانين التنظيمية. 

أسلوب التلاعب المزعوم

بحسب التهم، المتهمون قاموا بعدة ممارسات ممنهجة:

استخدام وثائق مزيفة في تصدير واستيراد الذهب والفضة.

استبدال بعض الألواح الذهبية المصرّح بها بوحات من النحاس أو ذهب مقلّد عند التسليم، ما مكنهم من تحقيق أرباح غير مشروعة.

تأسيس شبكة شركات مترابطة بحيث يتم التلاعب بالنظام التنظيمي والجبائي باستخدام “أطراف ثانية وثالثة” لتمويه طبيعة المعاملات. 

الخسائر المادية

النيابة تقدّر أن هذه الممارسات المزعومة تسببت بخسارة كبيرة جدًا للخزينة العامة التركية، تُقدر بحوالي 100 مليار ليرة تركية، وفقًا لتقييم تم على أساس “سعر الذهب الحالي” على ما يبدو. 

هذا الرقم الضخم يثير قلقًا كبيرًا من أن تكون جزءًا من قضية مؤسسية كبيرة جدًا وليس مجرد احتيال صغير — خاصة إذا ثبت أن التلاعب كان ممنهجًا وجماعيًا.

الإجراءات القانونية

كجزء من التحقيق:

تم إصدار أوامر توقيف لـ 23 شخصًا يشتبه في تورطهم في هذه الشبكة. 

حتى الآن، 21 شخصًا منهم تم توقيفهم فعليًا من قبل السلطات.

التحقيق يتضمن تهمًا ثقيلة تشمل:

  1. “تأسيس تنظيم إجرامي”
  2. “عضوية تنظيم إجرامي”
  3. “احتيال مالي على مؤسسات عامة”
  4. “انتهاك قوانين البنك المركزي التركي”
  5. “مخالفات في قوانين تمويل الدين العام”
  6. “انتهاك قانون حماية قيمة العملة التركية”

السلطات القضائية أجرت أيضًا عمليات تفتيش ومصادرة في مواقع شركات المتهمين، في إطار جمع الأدلة. 

تداعيات محتملة

إذا ثبتت صحة التهم بالكامل، فإن هذه القضية يمكن أن تكون من أكبر القضايا المالية في قطاع المعادن الثمينة والخزينة التركية في السنوات الأخيرة. هناك عدة تداعيات محتملة:

  • ماليًا: خسارة بهذا الحجم قد ترغم الحكومة على إعادة تقييم سياساتها في الدعم بالتصدير والاستيراد، وربما تشديد الرقابة على تلك الحوافز.
  • جذاب المستثمرين: تكشف مثل هذه القضايا عن مخاطر كبيرة في الاستثمار بالذهب أو المعادن في تركيا إذا كانت الرقابة ضعيفة.
  • قانوني وتنظيمي: قد يؤدي هذا التحقيق إلى إصلاحات في نظام “Dahilde İşleme Rejimi” وتعديل اللوائح لمنع استغلالها.

إداري: قد تُفرض عقوبات صارمة على الشركات والأشخاص المتورطين (غرامات، محاكمات، سحب تراخيص)، ما قد يغير من مشهد تجارة المعادن الثمينة.

موقف النيابة

النيابة العامة في إسطنبول تصورت العملية كجريمة منظمة وليست خرقًا بسيطًا: التنظيم المزعوم يشتمل على شركات متعددة، وثائق مزيفة، تعامل مع تحفيزات التصدير، واستخدام أطراف متعددة (“شخص ثانٍ وثالث”) لتضليل الرقابة القانونية.

من بيان النيابة يبدو أنهم يعتمدون على أدلة قوية: استيراد فعلي لكميات ضخمة من المعادن، تغييرات فعلية على المواد المصرّح بها، وبيانات مالية يمكن تتبعها. 

التحديات أمام التحقيق

رغم أن النيابة تبدو واثقة من التهم، إلا أن هناك عدة تعقيدات قد تواجهها:

  • إثبات التلاعب الفعلي: يجب إثبات أن المواد التي تم إدخالها بالفعل تم استبدالها (زي التمثيل أن اللوح ذهب لكنه في الواقع نحاس أو مقلد).
  • ربط الكميات بالخسارة: لحساب الـ 100 مليار ليرة، يجب ربط التلاعب بالكميات الفعلية والفرق بين السعر الرسمي والواقعي – وهذا يتطلب خبرة حسابية.
  • القانون التنظيمي: بعض المتهمين قد يجادلون بأن الترتيبات التي استخدموها ليست غير قانونية إن فهمت بطريقة مختلفة، خاصة في نظام "Dahilde İşleme Rejimi".
  • المساءلة: إذا تبين أن بعض الجهات الرسمية كان لها دور في هذا النظام، قد تشتد الضغوط لتغيّر أو تُحاسَب سياسات الدعم.

التحقيق الذي أطلقته النيابة العامة في إسطنبول ليس تحقيقًا عاديًا، بل يهدف إلى تفكيك شبكة يُزعم أنها استغلت نظام الدعم والتشريعات لتوليد “احتيال ثقيل” في تجارة المعادن الثمينة.

الرقم 100 مليار ليرة لخسارة عامة ليس مجرد تكهن — هو تقدير من النيابة، مبني على سعر الذهب الحالي وبعض ممارسات التلاعب.

إذا ثبتت التهم، ستكون هذه من أكبر القضايا المالية والتنظيمية التي تواجه قطاع المعادن في تركيا، وقد تؤدي إلى إصلاحات مهمة.

مشاركة على: