اختبارات أمان السيارات تكشف نتائج صادمة وغير متوقعة
شهد عام 2025 صدور واحد من أكثر تقارير اختبارات الأمان جدلًا في صناعة السيارات، بعدما أعلنت هيئات السلامة العالمية عن نتائج الاختبارات السنوية التي تخضع لها السيارات الجديدة قبل طرحها في الأسواق. ورغم أن التوقعات كانت تميل لصالح الشركات الكبرى التي اعتادت احتلال المراكز الأولى، جاءت النتائج هذا العام مختلفة تمامًا، حيث تقدمت طرازات جديدة لم تكن ضمن قوائم الأفضل سابقًا، بينما تراجعت نماذج من شركات تاريخية بشكل أثار دهشة الخبراء والمستهلكين على حد سواء.
بحسب تقرير "برنامج التقييم الأوروبي للسيارات الجديدة" (Euro NCAP)، فإن الدورة الجديدة من اختبارات 2025 ركزت بشكل أعمق على الأنظمة النشطة، أي تلك التي تمنع وقوع الحوادث قبل حدوثها، مثل أنظمة الفرملة التلقائية، ومراقبة النقطة العمياء، والتنبيه من تغيير المسار. ويبدو أن هذا التوجه كان سببًا رئيسيًا في اختلاف الترتيب النهائي مقارنة بالأعوام السابقة، حيث تفوقت الشركات التي استثمرت بقوة في التطوير البرمجي والمستشعرات الحديثة.
المفاجأة الأولى تمثلت في حصول بعض السيارات الاقتصادية ذات الأسعار المتوسطة على تقييمات أمان أعلى من سيارات فاخرة معروفة. فقد حققت عدة طرازات جديدة تقييم خمس نجوم كاملة، ما جعلها أكثر جاذبية للمستهلكين في الأسواق الأوروبية والآسيوية نظرًا للجمع بين السعر المعقول والأمان العالي. في المقابل، تراجعت نماذج من شركات عريقة بعدما فشلت أنظمتها الذكية في اجتياز الاختبارات التي تقيس سرعة استجابة السيارة للمخاطر المفاجئة.
ومن أبرز النقاط التي أثارت النقاش الواسع، اختبار نظام "المساعد الذكي للقيادة" الذي يحاكي المواقف الواقعية، مثل ظهور طفل يركض فجأة أمام السيارة، أو انحراف مركبة أخرى نحو المسار. وقد سجلت عدة موديلات أداءً ضعيفًا في هذه الفئة تحديدًا، ما اعتبره الخبراء مؤشرًا على أن بعض الشركات لا تزال متأخرة في سباق تطوير البرمجيات مقارنة بمنافسيها.
وفي سياق آخر، أظهر التقرير أن السيارات الكهربائية لا تزال تتفوق على سيارات البنزين من حيث هيكل الأمان السلبي، وذلك بفضل تصميم البطارية السفلي الذي يمنح السيارة درجة ثبات أعلى، ومعايير توزيع صدمات أكثر توازنًا عند الحوادث. ومع ذلك، حصل عدد من السيارات الكهربائية على تقييمات أقل في الاختبارات المتعلقة بالأنظمة المانعة للحوادث، مما يبرز أن التفوق ليس شاملًا في كل الجوانب.
ويشير الخبراء إلى أن عام 2025 قد يكون نقطة تحول بمعنى الكلمة، إذ تتجه أغلب الشركات إلى تعزيز أنظمة الذكاء الاصطناعي داخل السيارة، ما يجعل المنافسة الآن تعتمد على البرمجيات وليس قوة المحرك أو جودة المواد فقط. كما يتوقع متخصصون أن تتضاعف أهمية اختبارات الأمان خلال السنوات المقبلة مع انتشار القيادة شبه الذاتية، والتي تتطلب بنى تقنية أكثر تطورًا لتقليل الأخطاء البشرية.
ويتابع التقرير موضحًا أن بعض الشركات التي لم تُعرف سابقًا بالتميّز في الأمان بدأت الآن في تصدر القوائم، بعد اعتمادها مصانع جديدة وأنظمة استشعار متقدمة، مما يعكس تغيرًا في خريطة المنافسة العالمية. وفي المقابل، فإن العلامات الكبرى التي تراجعت ستواجه ضغطًا كبيرًا لإعادة تطوير أنظمة السلامة لديها قبل إطلاق موديلاتها القادمة، خاصة أن المستهلك أصبح أكثر وعيًا ويدقق بشكل أكبر في درجات الأمان قبل اتخاذ قرار الشراء.
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن المستفيد الأكبر من هذا التطور هو المستخدم النهائي، إذ ازدادت خيارات السيارات الآمنة في فئات متعددة من الأسعار، مما يمكّن المستهلكين من اختيار سيارات تتمتع بمستوى أمان مرتفع دون الاعتماد على الماركات التقليدية فقط. وتشير التوقعات إلى أن الأعوام القادمة ستشهد سباقًا أكبر في تطوير الأنظمة الوقائية، مع دخول شركات جديدة للسوق وزيادة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والسلامة النشطة.