إسطنبول تصدر تعليمات جديدة لحماية الحيوانات الضالة

إسطنبول تعزز حماية “الحيوانات الضالة” بتعميم جديد من المحافظة

أصدرت محافظة إسطنبول تعميمًا رسميًا جديدًا موجهًا إلى البلديات والإدارات المحلية بشأن “الإجراءات الضرورية في التعامل مع الحيوانات الضالة (ساحِبة)” تحت عنوان "Sahipsiz Hayvanlara Yönelik Yapılması Gereken İş ve İşlemler Hakkında". التعميم، الذي يحمل توقيع والي إسطنبول دافوت غول، يشدد على تطبيق مسؤوليات البلديات بموجب القانون رقم 5199 لحماية الحيوانات وغيرها من اللوائح ذات الصلة.

دوافع التعميم والاجتماع التقييمي

جاء هذا التعميم بعد اجتماع مجلس حماية الحيوانات على مستوى المقاطعة الذي انعقد في 5 نوفمبر 2025، حيث تمت مناقشة الوضع الحالي للحيوانات الضالة في المدينة، وتقييم مدى التزام البلديات بتنفيذ مهامها تجاه هذه الفئة.

يذكر التعميم أن البلديات ملزمة باحداث مناطق طبيعية وملاجئ مخصصة للحيوانات الضالة، وقد تم تخصيص أراضٍ لهذا الغرض بالفعل. يُطلب من البلديات الإسراع في استكمال عمليات التصميم، المناقصات، والبناء دون تأخير.

منع الإطعام العشوائي: أولوية الصحة والسلامة

من أبرز نقاط التعميم منع الإطعام غير المنضبط للحيوانات الضالة. حذّر الوثيقة من السماح بإطعام الكلاب الضالة في أماكن معينة، مثل:

المؤسسات الصحية

المدارس ومراكز التعليم

المطارات

دور العبادة

الحدائق والمنتزهات

جوانب الطرق

ساحات اللعب

وذلك باِعتبار أن الإطعام العشوائي قد يساهم في زيادة أعداد الحشرات والقوارض، ويؤثر سلبًا على التوازن البيئي والصحة العامة. 

كما أن التعميم يُشير إلى أن البلديات التي تتخلف عن واجباتها قد تُحاسب إذا تسببت إهمالها في خسائر بشرية أو مادية ناجمة عن الحيوانات الضالة.

تسريع جمع ورعاية الحيوانات الضالة

وفق التعميم، يجب على البلديات:

جمع الحيوانات الضالة بسرعة.

تسريع عمليات التعقيم (الكَسْر) وإعادة التأهيل.

نقل الحيوانات إلى ملاجئ أو مناطق طبيعية مخصصة وفقًا للتشريعات المعمول بها.

تنفيذ هذه العمليات بدقة وفعالية لتفادي التأخر أو التلكؤ في التنفيذ.

الأساس القانوني: القانون 5199 واللوائح التنظيمية

التعميم يستند إلى القانون رقم 5199 لحماية الحيوانات، والذي يفرض على البلديات مسؤوليات واضحة تجاه الحيوانات الضالة، من مطاردة، رعاية، تأهيل، وتخصيص ملاجئ.
كما يشير التعميم إلى اللوائح المرفقة بهذا القانون، مثل “لوائح تطبيق حماية الحيوانات” التي تنظم كيفية عمل البلديات في هذا الملف.

علاوة على ذلك، يُلاحظ في النص أن المحافظة تستعد لاستكمال التزاماتها تجاه هذا القانون، بعد تحديثات ومراجعات سابقة تمت من خلال دورات سابقة لمجلس حماية الحيوانات. 

التمويل والدعم المالي

تلعب الجوانب المالية دورًا مهمًا في تنفيذ التعميم، حيث أن بناء الملاجئ وإنشاء المساحات الطبيعية يتطلب ميزانيات كبيرة. هنا يأتي دور دعم وزارة الخزانة والمالية، إذ تنص لوائح تتعلق بالتمويل على دعم البلديات في بناء ملاجئ: إذا تجاوزت البلديات ما هو متوقع من ميزانيتها لبناء ملاجئ، فإن جزءًا من هذه التكاليف يمكن دعمه من وزارة الخزانة.
هذا الدعم يُعد محفزًا قويًا لتسريع المشاريع وضمان تنفيذها بفعالية.

التزام البلديات: بين الضغط القانوني والجدول الزمني

التعميم لا يكتفي فقط بوضع التوجيهات، بل يطالب البلديات بإكمال المشاريع في أسرع وقت ممكن. ويركز على:

استكمال التصميم الهندسي للملاجئ والمناطق الطبيعية.

إطلاق مناقصات البناء وتنفيذها دون تأخير. 

المتابعة الدقيقة من قبل المسؤولين لتفادي أي تأخير أو خمول.

كما يشير التعميم إلى اجتماع سابق لمجلس حماية الحيوانات بتاريخ 02 يوليو 2025، حيث تم اتخاذ قرارات تتعلق بالتصدي لمشاكل مثل زيادة حشرات القوارض وتأثيراتها الصحية والبيئية.
هذا يعكس وجود جهد منظّم للتنسيق بين المحافظة والبلديات لتطبيق هذه الخطوات بشكل عملي وسريع.

تأثير التعميم على الجمهور والمجتمع المحلي

هذا التعميم من المحتمل أن يثير ردود فعل متنوعة:

من جهة محبي الحيوانات، قد يُنظر إلى المنع الجزئي للإطعام على أنه قاسٍ، لكنه موجه نحو تنظيم العلاقة بين الإنسان والحيوان بطريقة أكثر أمانًا واستدامة.

من جهة إدارات البلديات، يُعد التعميم تحفيزًا للتسريع في المشاريع التي ربما كانت بطيئة التنفيذ.

من جهة الجمهور العريض، يمكن أن يكون هذا التوجه إيجابيًا من الناحية الصحية: الحد من مخاطر انتشار الحشرات والقوارض، وتحسين المظهر العام للمناطق العامة.

من الناحية البيئية، قد يساعد التوجه نحو ملاجئ ومساحات طبيعية مخصصة في خلق بيئة أفضل للحيوانات الضالة، بدلاً من تواجدها العشوائي في الشوارع، مما يعزز من رفاهيتها ويقلل من النزاعات مع البشر.

تحديات محتملة

رغم الأهداف الطموحة للتعميم، هناك بعض التحديات التي قد تواجه تنفيذه:

تأخير في التنفيذ
قد تواجه البلديات صعوبات في تسريع عمليات التصميم والمناقصات والبناء، خاصة إذا لم تتوفر الميزانيات بشكل كافٍ أو إذا كانت هناك عقبات إدارية.

مقاومة محلية من بعض المواطنين
منع الإطعام في أماكن معينة قد يواجه معارضة من الأشخاص الذين يعتنون بالحيوانات الضالة أو لديهم حس إنساني قوي تجاهها.

الرقابة والمتابعة
لضمان تنفيذ التعميم، تحتاج المحافظة إلى آليات صارمة للمتابعة والتقييم، وقد يكون من الصعب ضمان التزام جميع البلديات بنفس القدر.

استدامة التمويل
رغم الدعم من الخزانة، فإن استمرارية التمويل مهمّة لضمان تشغيل الملاجئ والعناية الدائمة بالحيوانات، وليس فقط بنائها.

الخلاصة

التعميم الجديد من محافظة إسطنبول يمثل خطوة قوية نحو تنظيم رعاية الحيوانات الضالة.

التركيز على منع الإطعام غير المنضبط يأتي من منظور صحي وبيئي، وليس بالضرورة من باب معاداة الحيوانات.

مشاركة البلديات هي جوهر التنفيذ: من جمع الحيوانات إلى تأهيلها ونقلها إلى ملاجئ مناسبة.

هناك دعم مالي من الدولة من خلال آليات التمويل، مما يعزز فرص نجاح المشاريع.

التحدي الأكبر سيكون في التنفيذ والمتابعة لضمان أن التعميم لا يبقى ورقيًا فقط، بل يتحول إلى واقع ملموس يصب في مصلحة الحيوانات والمجتمع على حد سواء.