تقرير: تقرير سياحي: هل تستعد تركيا لموسم شتوي قياسي في 2025–2026؟
تشهد تركيا خلال السنوات الأخيرة تحوّلًا متسارعًا في قطاع السياحة، حيث لم تعد البلاد تعتمد حصريًا على موسمي الربيع والصيف، بل أصبحت وجهة نشطة في كل فصول العام، وخصوصًا في فصل الشتاء الذي تحول إلى أحد أهم عوامل الجذب السياحي، سواء للسياح المحليين أو الأجانب. ومع بداية موسم 2025–2026، تشير المؤشرات المبكرة إلى أن تركيا قد تكون على موعد مع موسم شتوي قياسي، مدفوعًا بارتفاع الطلب على السفر الداخلي، وتزايد حركة السياحة الشتوية القادمة من أوروبا والشرق الأوسط، وطفرة الاستثمار في البنية التحتية لمنتجعات التزلج.
❄️ انتعاش ملموس في السياحة الشتوية
يُعدّ قطاع السياحة الشتوية واحدًا من أسرع القطاعات نموًا في تركيا. فمنتجعات التزلج في أولوداغ (Bursa Uludağ)، وأرجييس (Kayseri Erciyes)، وبالاندوكن (Erzurum Palandöken) باتت تشهد حجوزات مرتفعة قبل أسابيع من بدء الموسم الفعلي. ويؤكد خبراء السياحة أن الإقبال هذا العام يُعدّ الأعلى منذ جائحة كورونا، بل يتجاوز بعض مواسم ما قبل 2019.
وتشير أرقام مقدّمي خدمات السفر في تركيا إلى زيادة تتراوح بين 35% و40% في الطلب على الرحلات الشتوية مقارنة بالعام الماضي، خاصة الرحلات القصيرة لمدة 3–4 أيام، وهي صيغة أصبحت رائجة للغاية بين فئة الشباب والعائلات التي تبحث عن عطلة بتكلفة مقبولة دون مغادرة البلاد.
أما على مستوى السياحة الخارجية، فإن تركيا تستقطب عددًا متزايدًا من السياح من ألمانيا، روسيا، بولندا، بريطانيا، ودول الخليج، ممن يفضلون التزلج بأسعار أقل من أوروبا الغربية مع جودة مرتفعة في الخدمات.
🏔️ البنية التحتية لمنتجعات التزلج… مفاجأة تنافس أوروبا
شهدت السنوات الخمس الأخيرة استثمارات ضخمة في قطاع السياحة الشتوية، شملت توسعة مسارات التزلج، وزيادة عدد التلفريكات، وتطوير الفنادق الجبلية.
أرجييس أصبحت واحدة من أكبر مناطق التزلج المنظمة في أوروبا الشرقية.
بالاندوكن تصنّف الآن ضمن الوجهات الأسرع نموًا لرحلات التزلج العائلية.
أولوداغ تحافظ على مكانتها التاريخية كأشهر جبال تركيا وأكثرها ازدحامًا في موسم الشتاء.
هذه البنية التحتية دفعت العديد من وكالات السفر الأوروبية إلى إدراج تركيا رسميًا ضمن برامج التزلج الشتوية لعام 2025–2026، وهو ما يدعم التوقعات بنمو قوي خلال هذا الموسم.
🔥 الطلب المحلي… مفاجأة هذا العام
على عكس توقعات البعض بأن الغلاء قد يحد من قدرة الأتراك على السفر، تشير البيانات الجديدة إلى أن السياحة المحلية خلال الشتاء تشهد أكبر ارتفاع منذ 10 سنوات.
تشير تقارير شركات الطيران التركية إلى زيادة في حجوزات السفر الداخلي بنسبة تصل إلى 38%، خاصة بين إسطنبول، قيصري، طرابزون، وأنقرة، وهي مدن تُعد بوابات رئيسية للوجهات الجبلية والثلجية.
كما ارتفعت الحجوزات عبر منصات الإقامة المحلية بنسبة 30–45%، مع انتقال الكثير من العائلات إلى اختيار رحلات قصيرة بدل الرحلات الطويلة الباهظة.
🌨️ ظاهرة "العطلات الذكية" تدعم النمو
عام 2025 شهد انتشارًا واسعًا لمفهوم Smart Winter Escapes أو “العطلات الذكية”، وهي رحلات شتوية قصيرة بتكلفة منخفضة نسبيًا، تشمل:
التزلج لمدة يومين
الإقامة في فنادق جبلية اقتصادية
رحلات التدفئة الطبيعية Hot Springs
زيارات للقرى الجبلية الثلجية
هذه الصيغة أصبحت شائعة بين الشباب والعائلات الصغيرة، ما يعزز الطلب حتى في المناطق الأقل شهرة، مثل قارص، أرزينجان، غوموشهانة، وريزه.
🧊 السياحة العلاجية الشتوية… ورقة رابحة
الشتاء في تركيا لا يعني فقط الثلوج والتزلج، بل هو موسم مثالي لنمو السياحة العلاجية الحرارية.
مدن مثل أفيون، يالوفا، وبولو تجذب آلاف الزوار سنويًا للاستفادة من الينابيع الساخنة التي تخفف آلام المفاصل والعظام.
هذا القطاع يشهد نموًا مستمرًا ويتوقع أن يساهم بنحو 10–12% من إجمالي عائدات السياحة الشتوية هذا العام.
💼 ماذا تقول الأرقام الرسمية؟
وفق بيانات رسمية لتركيا لعام 2025:
بلغت عائدات السياحة خلال أول 9 أشهر أكثر من 50 مليار دولار.
تستهدف الحكومة الوصول إلى 65 مليار دولار بنهاية العام.
تسعى تركيا لزيادة عدد السائحين إلى 60 مليون زائر سنويًا، وهو رقم كان يُعدّ مستحيلًا قبل سنوات قليلة.
هذه الأرقام تعطي صورة واضحة: القطاع السياحي التركي يسير باتجاه صعودي ثابت، ما يجعل موسم الشتاء الحالي فرصة إضافية لتعزيز الإيرادات.
⚠️ التحديات التي قد تعرقل موسمًا قياسيًا
رغم المؤشرات الإيجابية، هناك تحديات قد تؤثر على الموسم الشتوي:
1- ارتفاع الأسعار
ارتفاع تكاليف الإقامة والنقل قد يحدّ من قدرة بعض العائلات على السفر.
2- تقلبات أسعار الصرف
تراجع الليرة التركية قد يؤثر على تكلفة التشغيل، لكنه بالمقابل يجعل تركيا أكثر جذبًا للسائح الأجنبي.
3- الأحوال الجوية
الثلوج المتأخرة أو السيول المفاجئة — وهي حوادث تتكرر — قد تؤثر على افتتاح بعض مسارات التزلج مبكرًا.
4- المنافسة الإقليمية
دول مثل جورجيا وبلغاريا تبدأ في جذب زوار التزلج بأسعار منخفضة أيضًا.
🔮 التوقعات النهائية: موسم قوي… واحتمال قياسي
استنادًا إلى المؤشرات الحالية، من المتوقع أن تحقق تركيا:
زيادة في السياحة الشتوية بين 20–30%
نسبة إشغال مرتفعة في المنتجعات الرئيسية
ارتفاع كبير في الطلب على الرحلات القصيرة
نمو ملفت في السياحة العلاجية الشتوية
وبناءً على هذا، يمكن القول إن تركيا بالفعل تقف على أعتاب موسم شتوي قد يكون الأقوى منذ سنوات، وربما الأقوى في تاريخ السياحة الشتوية التركية إذا استمرت الظروف الإيجابية كما هي حتى نهاية فبراير 2026.