ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا

ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا
ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا

ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا

في تركيا، الفائدة على القروض العقارية وصلت معدّلاتها لدرجات مرتفعة تؤثر مباشرة على قرارات آلاف الأسر، إذ إنّ المعدل السنوي للقروض العقارية الجديدة اقترب من 40-43٪ بينما التضخم لا يزال يفوق هذا المعدل مما يعني أن القوة الشرائية للمستفيدين تنخفض رغم الأرقام الكبيرة. بيانات البنك المركزي التركي المتوفّرة في مواقع مثل Global Property Guide تكشف أن الفترات الأخيرة شهدت تراجعًا طفيفًا في الفائدة من حوالي 43.5٪ في يونيو 2025 إلى نحو 40.4٪ في أغسطس 2025، لكن الوضع لا يزال بعيدًا عن أن يكون مريحًا للمشترين المحليين.

ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا

العديد من المراقبين الاقتصاديين يشيرون إلى أن هذه الفوائد المرتفعة تجعل من الصعب على من يرغب بشراء منزل أن يتحمّل تكاليف القرض من حيث الأقساط الشهرية والدفعة المقدّمة، خصوصًا في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير حيث أسعار العقارات مرتفعة أيضًا. حتى مع انخفاض جزئي في الفائدة، إلا أن المعدلات المرتفعة تظل عقبة كبيرة أمام الطلب. 

من ناحية أخرى، مبيعات العقارات المُرهونة بالقروض تشهد انخفاضًا واضحًا أو حدًّا من التوسع في بعض الأشهر، رغم أن هناك مؤشرات لطلب متزايد بمجرد أي تراجع في الفائدة. تقرير من المعهد الإحصائي التركي لمسألة مبيعات العقارات في مارس 2025 مثلاً بيقول إن مبيعات المنازل ارتفعت بنسبة 5.1٪ مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، لكن الجزء المُرهون زاد بنسبة 41.5٪ ليُشكّل نحو 18,225 وحدة من إجمالي المبيعات، مع انخفاض نسبة المبيعات للأجانب.

ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا

السبب الرئيسي في الفوائد المرتفعة يعود إلى السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي التركي، الذي رفع سعر الفائدة الأساسية (repo rate) إلى مستويات فوق 40٪ لمحاولة السيطرة على التضخم المرتفع الذي تجاوز 30-40٪ سنويًا، وكذلك كإجراء لجم سحب العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وتقليل الطلب التضخمي. بيانات Global Property Guide تشير إلى أن الفائدة العقارية الجديدة كانت إحدى أدوات الربط بين السياسة النقدية وسوق الإسكان، وما زال البنك يحافظ على موقفه المتشدد رغم بعض الخفّضات الطفيفة في الفترات الأخيرة.

لكن هذا الموقف يترتب عليه تأثيرات واضحة: أولًا، المشترون ينتظرون تراجعًا أكبر في الفائدة قبل القيام بشراء منزل، وهذا التأخّر في القرار يقلل من دورة المبيعات العقارية ويؤخر مشاريع البناء. ثانيًا، من يعتمد على القروض لتمويل شراء المنزل يُجبر على دفع أقساط شهرية ضخمة نسبيًا، ما يُثقل الأعباء على الميزانيات المحلية. ثالثًا، المطورون العقاريون يتأثرون أيضًا بالتكلفة العالية للتمويل، ما يجعلهم يرفعون أسعار البيع أو يؤجلون المشاريع الجديدة حتى يصبح التمويل أرخص. هناك مناطق مثل الضواحي والمناطق الخارجية للمدن الكبرى حيث الطلب أقل، ويزداد التردّد هناك بسبب القروض المكلفة، بينما المناطق المركزية والراقية تستمر في المشاورات؟ المشترون هناك غالبًا من ذوي الدخل الأعلى أو من يستخدم ادّخارات كبيرة لتقليل عبء الفائدة. 

في نفس الوقت، خفض بسيط لفائدة السياسة النقدية من البنك المركزي في يوليو-أغسطس قد يعطي بعض الأمل، إذ أن الفائدة على القروض العقارية الجديدة بدءًا من نسبة نحو 43.5٪ نزلت إلى 40.4٪ تقريبًا، وهذا الانخفاض رغم أنه صغير، إلا أنه مؤشر على محاولة تليين السياسة النقدية. إذا استمرت الحكومة والبنك المركزي في خفض الفائدة تدريجياً وبشكل محسوب، فقد نشهد حركة شرائية أكبر من طرف المواطنين الذين كانوا ينتظرون مثل هذا الانخفاض.

من جهة أخرى، التضخم المرتفع يلتهم جزءًا كبيرًا من الفائدة الاسمية على القروض، بمعنى إن الأرقام الكبيرة للفوائد قد تبدو مخيفة، لكن الواقع أن التضخم يجعل من القرض أقل فائدة حقيقية مما هو مرئي؛ القوة الشرائية للمشتري تتراجع. عند تعديل الفائدة الاسمية مع التضخم، الفائدة الحقيقية تكون سلبية في بعض الفترات، مما يعني أن المشتري يدفع الكثير لكن القيمة الحقيقية للقرض أو المنزل الذي يملكه لا تنمو بنفس السرعة.

الخبر الجيد لمن يرغب في العقارات هو أن الخفض المستمر في الفائدة الأساسية من البنك المركزي قد يؤدي إلى مزيد من التسهيلات في الحصول على قرض عقاري، خصوصًا لأول المشترين أو المتوسطين الدخل. بعض البنوك قد تبدأ في تقديم عروض خاصة، أو دفعات أولى أقل أو تمويل أقساط أطول لتخفيف العبء على المشترين. كما أن الطلب على العقارات المُرهونة قد يرتفع بمجرد أن يرى السوق أن الفائدة تقل بدرجة معتبرة بحيث يصبح القرض مجديًا. 

ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا

لكن التحديات ما تزال موجودة: ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، الضريبة العقارية، تكاليف الضرائب والرسوم المتعلقة بالتمويل، وأيضًا مخاطر تقلب سعر الصرف إذا كانت بعض أجزاء التمويل مرتبطة بعملة أجنبية أو إذا تعتمد مواد البناء مستوردة. هذا كله يمكن يؤدي إلى أن الفائدة تكون أقل فقط ظاهريًا إن تكلفة المشروع ككل تزداد. أيضًا، من المهم مراقبة السياسة النقدية، التضخم، وتوقعات الاقتصاد الكلي لأن أي مفاجأة في التضخم أو سعر الصرف قد تدفع البنك المركزي إلى رفع الفائدة مجددًا. 

في النهاية، المشترون المحتملون الآن أمام مفترق: إما الانتظار لرؤية خفض أكبر في الفائدة يجعل القرض العقاري مقبولًا أكثر من الناحية المالية، أو الدخول الآن مع تمويل مرتفع مع توقع أن العقار نفسه سيرتفع اسميًا بالقيمة إن ظل الطلب قويًا، خاصة في المدن الكبرى. السوق العقارية التركية في 2025 تظل حالة من التوازن الحذر — بين آمال خفّض الفائدة وتحديات التضخم والفوائد المرتفعة — والمستقبل يعتمد بشكل كبير على السياسات الاقتصادية المُتبعة وسرعة تنفيذها.

ارتفاع الفائدة العقارية يضغط على مشتري المنازل بتركيا

مشاركة على: