عقوبات محتملة على الملاك في تركيا: جدل حول من يطرد المستأجر

عقوبات محتملة على الملاك في تركيا: جدل حول من يطرد المستأجر
عقوبات محتملة على الملاك في تركيا: جدل حول من يطرد المستأجر

عقوبات محتملة على الملاك في تركيا: جدل حول من يطرد المستأجر

في الأيام الأخيرة، تداولت عدة منصات إخبارية تركية وعربية خبرًا مثيرًا للجدل حول فرض عقوبات على الملاك الذين يقومون بطرد المستأجرين من منازلهم بحجة أنهم سيسكنون بأنفسهم، ثم يؤجرون العقار لشخص آخر. وقد أثار هذا الموضوع تفاعلاً واسعًا بين المواطنين والمستأجرين، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات في تركيا خلال السنوات الأخيرة.

لكن، هل هذه العقوبات واقعية ومطبقة بالفعل؟ أم أن الأمر مجرد سوء فهم وتفسير مبالغ فيه للقوانين الحالية؟

 خلفية عن أزمة الإيجارات في تركيا

شهدت تركيا منذ عام 2021 أزمة متصاعدة في قطاع الإيجارات. حيث ارتفعت أسعار الإيجار بنسب كبيرة وصلت في بعض المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير إلى أكثر من 200% خلال عامين فقط. هذا الارتفاع دفع الحكومة التركية لإصدار عدة قوانين تنظيمية مؤقتة، من أبرزها:

تحديد سقف زيادة الإيجار السنوي بنسبة لا تتجاوز 25% حتى يوليو 2024.

وضع قيود على عقود الإيجار الجديدة لحماية المستأجرين من استغلال بعض الملاك.

تشديد الرقابة القانونية على الدعاوى المتعلقة بإخلاء المستأجرين.

في هذا السياق، ظهرت شكاوى عديدة من مستأجرين قالوا إنهم أُجبروا على ترك منازلهم بعد أن أبلغهم المالك بأنه سيقيم فيها بنفسه أو أن أحد أقاربه بحاجة لها، لكنهم فوجئوا لاحقًا بأن المنزل قد أُجّر لشخص آخر وبسعر أعلى بكثير.

 ماذا يقول القانون التركي؟

بحسب القانون المدني التركي، يحق للمالك أن يطلب إخلاء المستأجر في بعض الحالات المحددة، ومنها:

الحاجة الشخصية أو العائلية: إذا كان المالك أو أحد أفراد عائلته من الدرجة الأولى بحاجة إلى السكن في المنزل.

الهدم أو الترميم: إذا كان العقار بحاجة إلى ترميم شامل أو سيتم هدمه وإعادة بنائه.

انتهاء عقد الإيجار وعدم رغبة المالك بالتجديد: لكن هذا يحتاج إلى إشعار قانوني مسبق.

إلا أن القانون وضع أيضًا قيودًا صارمة لمنع إساءة استخدام هذه الحقوق. فإذا أخرج المالك المستأجر بحجة أنه سيقيم في المنزل ثم ثبت لاحقًا أنه لم يقم بالسكن وأجر المنزل لشخص آخر، فإن المستأجر السابق يملك الحق في:

رفع دعوى تعويض ضد المالك.

المطالبة بإعادة المنزل إليه في بعض الحالات.

المطالبة بتعويضات مالية عن الضرر الذي لحق به نتيجة الخروج القسري.

المحامي التركي هاكان ميرت أوضح في مقال قانوني أن:

“المالك الذي يستخدم حجة الإقامة الشخصية لإخراج المستأجر، ثم يقوم بتأجير العقار لشخص ثالث خلال فترة ثلاث سنوات، قد يتعرض لمساءلة قانونية ويدفع تعويضات للمستأجر المتضرر.”

صورة توضيحية لنزاع بين مالك ومستأجر

ما تم تداوله على المنصات

الموضوع انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عناوين مثيرة مثل:

“غرامات قاسية تنتظر الملاك المخادعين”

“من يخرج المستأجر بحجة السكن ثم يؤجر للغير سيدفع الثمن”

لكن التدقيق أظهر أن القانون لم يذكر عقوبة مالية مباشرة أو غرامة ثابتة على جميع الحالات، وإنما يعتمد على القضاء. أي أن المستأجر هو من يرفع الدعوى، والقاضي يقرر التعويض بناءً على الأدلة.

وبالتالي، يمكن القول إن:

لا يوجد “عقاب تلقائي” لكل مالك يفعل هذا.

لكن هناك مساءلة قانونية قد تؤدي إلى تعويضات باهظة.

في بعض الحالات، قد تصل التعويضات إلى قيمة إيجارات عدة سنوات.

 أمثلة من المحاكم التركية

في عام 2022، صدر حكم في إسطنبول لصالح مستأجر رفع دعوى بعد أن أُخرج من منزله بحجة أن المالك سيقيم فيه، لكن تبين لاحقًا أنه أُجّر لشخص ثالث. المحكمة قضت بإلزام المالك بدفع تعويض مالي يعادل إيجار سنتين.

في قونية، رفضت المحكمة دعوى مشابهة لأن المستأجر لم يستطع إثبات أن المالك لم يسكن المنزل بالفعل.

هذه الأمثلة تبين أن إثبات النية والسلوك الفعلي للمالك هو الفيصل في هذه القضايا.

 تأثير الظاهرة على السوق العقاري

هذه التصرفات أثرت سلبًا على الثقة في سوق الإيجارات. حيث أصبح المستأجرون يخشون من طلبات الملاك المفاجئة بالإخلاء، خاصة في المدن الكبرى.

الخبراء يرون أن استمرار هذه الحالات قد يؤدي إلى:

زيادة القضايا المرفوعة أمام المحاكم.

انخفاض الاستقرار في سوق الإيجارات.

ارتفاع الطلب على التعديلات القانونية لتشديد العقوبات.

صورة لمدينة إسطنبول مع مبانٍ سكنية

الخبر المتداول صحيح جزئيًا: الملاك الذين يخرجون المستأجرين بحجة السكن ثم يؤجرون المنزل للغير يمكن أن يتعرضوا للمساءلة القانونية.

لكن لا توجد “غرامة أو عقوبة فورية” منصوص عليها في القانون، وإنما يعتمد الأمر على الدعوى القضائية والتعويضات التي يحددها القاضي.

المستأجرون المتضررون يجب أن يحتفظوا بالأدلة (مثل الإشعارات أو شهود الجيران) لتقوية موقفهم القانوني.

مشاركة على: