 
            نظام عمل جديد يطرق أبواب المؤسسات الحكومية
نيو ترك بوست – أنقرة
في خطوة تعدّ محورية ضمن الجهود الرامية إلى تحديث آليات العمل الإداري في الدولة، كشفت الحكومة التركية عن انطلاق أعمال إعداد التشريعات الخاصة بتطبيق نماذج العمل المرن في القطاع العام. وبحسب ما تضمنه “برنامج 2026 السنوي” التابع لـCumhurbaşkanlığı Genel Sekreterliği، فقد بدأت الجهات المعنية بتجهيز الإطار القانوني والفني، بهدف تبنّي أسلوب أكبر مرونة في أساليب الخدمة العامة.
ارتفاع أعداد الموظفين العامّين
يُشار إلى أنه اعتباراً من يونيو 2025، بلغ عدد العاملين في القطاع العام التركي ما يقارب 5 ملايين 289 ألفاً و449 شخصاً، موزّعين بين موظفين دائمين (حوالي 3 ملايين 474 ألفاً و548) وعقود مؤقتة (حوالي 438 ألفاً و618) وعاملين بوضع العمالة (حوالي 1 مليون 225 ألفاً و772 شخصاً).هذا الحجم الكبير من العمالة يستدعي بنى تنظيمية أكثر مرونة وملاءمة لعصر الرقمنة وسوق العمل المتغيّر.
ما المقصود بـ«العمل المرن»؟
تشمل نماذج العمل المرن في هذا السياق مفاهيم مثل: العمل عن بُعد، والعمل الهجين (جزئي بين المكتب والمنزل)، والعمل بدوام جزئي، والأنماط التي لا تتقيّد بالدوام التقليدي الثابت. ومن ضمن الإجراءات أيضاً: تحديث التشريعات الخاصة بالضمان الاجتماعي لتتلاءم مع هذه الأنماط الجديدة.
أهداف الإصلاح
زيادة الإنتاجية في القطاع العام ونشر «أفضل الممارسات» بين الإدارات المختلفة.
تحسين المرونة العملية بما يتماشى مع المتغيرات التكنولوجية وأساليب العمل الحديثة.
دمج أنماط العمل غير التقليدية ضمن منظومة الضمان الاجتماعي بشكل قانوني وفني مُحكَم.
المحاور القانونية والتنظيمية
تشير الوثيقة إلى أن تنفيذ هذا التوجّه مرهون بـ:
صياغة تشريعات جديدة أو تعديل القوانين القائمة المتعلقة بالعمل والموارد البشرية في الدولة.
تطوير بنية تحتية رقمية متكاملة لنظام إدارة الموظفين، تشمل تحديث Kamu Personeli Bilgi Sistemi (KPBS) لتصبح قاعدة بيانات مركزية موثوقة لاتخاذ القرار.
ضبط إجراءات التعيين والترقية بحيث يعتمد فيها أكثر على الكفاءة والجدارة، مع إعادة النظر في وزن الامتحانات الكتابية والشفوية بناء على طبيعة العمل.
التحديات والفرص
من جهة، يفتح هذا التوجّه أبواباً لتحسين بيئة العمل في القطاع العام، وقد يجذب القوى العاملة المُهَرة التي تبحث عن ظروف أكثر مرونة.
ومن جهة أخرى، تواجه الجهات المعنية تحديات تتمثل في:
ضمان تكافؤ الفرص بين من يعملون بنمط مرن ومن يعمل بالنمط التقليدي.
تحديث البُنى التقنية وتوفير الشبكات والبنية التحتية المناسبة للعمل عن بُعد.
ضبط آليات الرقابة والتقييم لضمان مستوى أداء متساوٍ.
تعديل التشريعات بحيث لا تُضعف حقوق الموظفين أو تؤثر سلباً على استقرارهم الوظيفي.
ما التالي؟
وفقاً لما ورد، فإن العمل التشريعي الجاري سيُعرض على الجهات المسؤولة قريباً، ومن المتوقع أن تدخل بعض النماذج التجريبية حيّز التنفيذ ابتداءً من العامالمقبل. الجهات الحكومية المعنيّة – بالتعاون مع وزارة العمل والضمان الاجتماعي – ستقدّم مقترحات حول كيفيّة الدمج الآمن لنماذج العمل المرن مع الضمان الاجتماعي والعلاقات التعاقدية.
في الخِتام
هذه الخطوة تشكّل تحوّلاً في التفكير الإداري للدولة التركية، نحو نموذج أكثر مرونة وتماشيًا مع توجهات العصر. وبالنسبة للموظفين، يمكن أن تعني حرّية أكبر في شكل ومكان العمل، لكنّها في الوقت نفسه تتطلب جهداً أكبر من الهيئات لضمان العدالة والالتزام والجودة.
من الآن فصاعداً، سيكون من المهم متابعة كيف ستترجم التشريعات إلى واقع عملي، وكيف ستُحسب نتائجها في تحسين الأداء الحكومي وخدمة المواطنين.
 
          