الأسواق الشعبية في تركيا.. ملاذ العرب أمام موجة الغلاء

الأسواق الشعبية في تركيا.. ملاذ العرب أمام موجة الغلاء
الأسواق الشعبية في تركيا.. ملاذ العرب أمام موجة الغلاء

الأسواق الشعبية في تركيا.. ملاذ العرب أمام موجة الغلاء

إسطنبول – نيو ترك بوست

وسط موجة الغلاء التي تعصف بتركيا منذ مطلع 2025، ومع استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية والإيجارات والخدمات، أصبحت الأسواق الشعبية (Pazar) في المدن التركية متنفسًا حقيقيًا لكثير من الأسر، وخاصة الجالية العربية التي تبحث عن حلول معيشية واقعية تقلّل الأعباء دون المساس بنوعية الحياة اليومية.


🥦 عودة “ثقافة السوق الأسبوعي”

كل مدينة تركية تقريبًا تمتلك أسواقًا أسبوعية تقليدية تُقام في أيام محددة، مثل سوق الأربعاء في الفاتح، وسوق الأحد في كاديكوي، وسوق الثلاثاء في بشاك شهير.
هذه الأسواق لا تقتصر على الخضروات والفواكه فقط، بل تشمل الملابس والأدوات المنزلية وحتى العطور والمستلزمات الدراسية.

في السنوات الأخيرة، ازدادت نسبة الزائرين العرب لهذه الأسواق بنسبة تقديرية بلغت 40% وفق ملاحظات التجار المحليين، ما جعلها نقطة التقاء ثقافية واقتصادية في آن واحد.

يقول “مصطفى.ع”، تاجر خضار في سوق الفاتح منذ 15 عامًا:

“الزبائن العرب أصبحوا من أهم روّاد السوق، وبعضهم صار يتحدث التركية بطلاقة من كثرة التعامل معنا كل أسبوع.”


💰 الأسعار أقل بنسبة 25 إلى 40% عن المتاجر الكبرى

تتميّز الأسواق الشعبية بتفاوت الأسعار الكبير مقارنة بالسوبرماركت والمتاجر الحديثة.
فعلى سبيل المثال:

كيلو الطماطم يُباع بـ 15 ليرة في السوق الشعبي مقابل 25 ليرة في المتجر.

التفاح المحلي بـ 20 ليرة بدلًا من 35.

كيلو البطاطس بـ 12 ليرة في حين يتجاوز 20 ليرة في المتاجر.

هذا الفارق الكبير جعل كثيرًا من المقيمين العرب يعتمدون على التسوّق الأسبوعي من هذه الأسواق كمصدر أساسي للمواد الغذائية.

تقول “هبة.م”، مقيمة أردنية في إسطنبول:

“بالتخطيط المسبق نقدر نوفّر تقريبًا ألفي ليرة شهريًا من ميزانية الطعام، كل اللي محتاجه تنظم وقتك وتروح السوق في يومه.”


🧺 التسوّق الذكي أصبح أسلوب حياة

أصبح مشهد العائلات العربية في الأسواق الأسبوعية مألوفًا جدًا؛ حيث يحملون الحقائب القماشية ويتنقلون بين الأكشاك لاختيار أفضل العروض.
بل تطوّر الأمر إلى إنشاء مجموعات على واتساب وتليجرام بين الجالية لتبادل مواعيد الأسواق وأسماء الباعة المعروفين بجودة بضائعهم.

ويقول أحد الإداريين في مجموعة “الأسواق العربية في إسطنبول”:

“صرنا نشارك صور العروض مباشرة، وفي ناس بتتعاون تشتري كميات كبيرة وتقسّمها مع الجيران لتوفير المال.”


🌍 جانب ثقافي واجتماعي أيضًا

الأسواق الشعبية في تركيا لم تعد فقط مكانًا للبيع والشراء، بل تحوّلت إلى فضاء اجتماعي يعكس اندماج الثقافات.
العائلات العربية تجد فيها إحساسًا يشبه الأسواق القديمة في بلادها — ضجيج الباعة، روائح الخضار الطازج، ودفء التفاعل البشري.

“لما أمشي في سوق الفاتح بحس كأني في دمشق أو عمان” — تقول “رغد.ك”، مقيمة سورية منذ 4 سنوات.


⚖️ التحدي الأكبر: الجودة والرقابة

رغم المزايا الكبيرة للأسواق الشعبية، إلا أن بعض الأسر تشتكي من تفاوت الجودة أو غياب الفواتير، خصوصًا في المنتجات غير الغذائية مثل الملابس والأجهزة البسيطة.
لذلك ينصح الخبراء بشراء المواد الغذائية الطازجة فقط، وتجنّب المنتجات الكهربائية أو المعلبة غير المضمونة المصدر.

كما تؤكد بلدية إسطنبول الكبرى أنها تواصل حملات الرقابة الأسبوعية لضمان الالتزام بالنظافة والأسعار العادلة، خاصة في الأسواق ذات الإقبال السياحي المرتفع.


📊 الاقتصاد الشعبي يزدهر

يرى محللون اقتصاديون أن الأسواق الشعبية باتت تمثل “الوجه الآخر” للاقتصاد التركي في ظل التضخم، إذ تحافظ على دوران حركة البيع والشراء بأسعار تتناسب مع الدخل الحقيقي للناس.
وتشير تقديرات اتحاد الغرف التجارية التركية إلى أن حجم التداول في الأسواق الأسبوعية يتجاوز مليار ليرة يوميًا على مستوى البلاد.


🧭 رؤية نيو ترك بوست

ترى نيو ترك بوست أن العودة إلى الأسواق الشعبية ليست مجرد ظاهرة مؤقتة، بل مؤشر على تكيّف المجتمع التركي والمقيمين العرب مع الواقع الاقتصادي الجديد.
فبينما تستمر الأسعار في الارتفاع، تظل هذه الأسواق رمزًا للتوازن الشعبي، ومتنفسًا اجتماعيًا واقتصاديًا في الوقت نفسه.

وستواصل الوكالة متابعة التغيرات المعيشية في تركيا أسبوعيًا، مع التركيز على الحلول الواقعية التي تساعد المقيمين العرب على التكيّف وتحسين مستوى حياتهم اليومية.

مشاركة على: