الدين العام الأمريكي يتجاوز 38 تريليون دولار وسط تحذيرات من تداعيات اقتصادية عالمية
سجلت الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعًا غير مسبوق في حجم الدين العام، حيث تجاوز إجمالي الديون الحكومية 38 تريليون دولار أمريكي، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية في أكتوبر 2025. ويعد هذا الرقم الأعلى في تاريخ البلاد، إذ يمثل عبئًا ماليًا متزايدًا على الميزانية الفيدرالية في ظل استمرار ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم.
تشير بيانات الخزانة إلى أن الدين الفيدرالي ازداد بنحو تريليون دولار خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة لزيادة النفقات الحكومية وتراجع الإيرادات الضريبية. ويُذكر أن الدين العام الأمريكي كان قد تجاوز حاجز 33 تريليون دولار قبل عامين فقط، ما يعكس تسارعًا لافتًا في وتيرة الاقتراض.

ويُتوقع – بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي (CBO) – أن يستمر الدين في الارتفاع خلال السنوات المقبلة إذا لم تُتخذ إجراءات لخفض العجز المالي. كما رجّح المكتب أن يصل الدين العام إلى نحو 200 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2047، في حال بقاء السياسات المالية على حالها، وهو ما يُعد سيناريو تحذيريًّا أكثر من كونه توقعًا حتميًّا.
ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف خدمة الدين وزيادة الاعتماد على الاقتراض الخارجي لتغطية المصروفات الحكومية. كما يُحتمل أن يؤثر هذا الوضع على التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، خصوصًا بعد التحذيرات الأخيرة من وكالات تقييم مثل موديز، التي أشارت إلى “تآكل الهوامش المالية للحكومة” في ظل ارتفاع أسعار الفائدة.
وفي السياق ذاته، حذّر عدد من المحللين من أن استمرار التوسع في الدين العام قد يضعف موقع الاقتصاد الأمريكي في النظام المالي الدولي على المدى الطويل، لكن هذه التقديرات تظل في إطار التحليل الاقتصادي ولا تُعتبر نتائج مؤكدة. ويستند أصحاب هذا الرأي إلى أن الدولار الأمريكي قد يفقد بعض ميزاته التنافسية إذا استمر العجز المالي على هذا النحو، وهو ما “قد يهدد القيادة الاقتصادية الأمريكية في المستقبل” وفقًا لتعبير بعض الخبراء.

في المقابل، يرى آخرون أن قوة الاقتصاد الأمريكي وقدرته على جذب الاستثمارات العالمية واستقرار مؤسساته النقدية ما تزال توفر له هامش أمان كبير، حتى مع هذا المستوى المرتفع من الديون. ويشير هؤلاء إلى أن الاقتصاد الأمريكي ما يزال أكبر اقتصاد في العالم، وأن قدرته على تمويل العجز الداخلي تفوق معظم الدول الأخرى.
ورغم تباين التوقعات، يُجمع معظم المراقبين على أن إدارة الدين العام ستشكّل أحد أبرز التحديات الاقتصادية للولايات المتحدة خلال العقد القادم، خصوصًا مع ارتفاع مدفوعات الفوائد التي تجاوزت مستويات قياسية عام 2025.