المقاهي العربية في إسطنبول.. ملتقى الجاليات وذكريات الوطن

المقاهي العربية في إسطنبول.. ملتقى الجاليات وذكريات الوطن
المقاهي العربية في إسطنبول.. ملتقى الجاليات وذكريات الوطن

المقاهي العربية في إسطنبول.. ملتقى الجاليات وذكريات الوطن

في قلب إسطنبول النابض بالحياة، حيث تتلاقى الثقافات وتمتزج اللغات، تشكل المقاهي العربية مساحة دافئة تجمع أبناء الجاليات المختلفة من المحيط إلى الخليج. فهنا، لا يقتصر دور المقهى على فنجان قهوة أو جلسة استراحة، بل يتحول إلى مساحة اجتماعية وثقافية تستعيد فيها الجاليات العربية جزءًا من روح الوطن.

المقاهي العربية في إسطنبول.. ملتقى الجاليات وذكريات الوطن

■ ذاكرة الوطن على طاولة مقهى

في أحياء مثل الفاتح، إسنيورت، باشاك شهير، وبيرم باشا، تنتشر المقاهي التي تحمل أسماء مألوفة من العواصم العربية: "قهوة دمشق"، "مقهى اليمن السعيد"، "ركن القاهرة"، "بيت الشام"، وغيرها. عند دخولك أحدها، تفوح رائحة البن الممزوجة بالهيل، وتسمع لهجات عربية مختلفة، من الشامية إلى الخليجية والمصرية، ما يجعل الزائر يشعر وكأنه عاد لمدينته الأصلية.

يقول "أبو محمود"، وهو صاحب مقهى سوري في منطقة الفاتح:

“الناس هنا تبحث عن لحظة دفء تشبه ما تركوه وراءهم، والمقهى أصبح بيتًا ثانيًا للجميع.”

المقاهي العربية في إسطنبول.. ملتقى الجاليات وذكريات الوطن

■ ملتقى للحديث والحنين

لا يمرّ يوم دون أن يجتمع في أحد هذه المقاهي مجموعة من الشباب العرب، يتبادلون الأخبار، يناقشون أعمالهم، ويتحدثون عن مستقبلهم في تركيا. بعضهم رواد أعمال يبحثون عن فرص، وآخرون طلاب أو لاجئون، لكن يجمعهم الحنين إلى الوطن.

في ركن آخر، تجلس عائلات عربية تتناول الشاي بالحليب أو النعناع، فيما ينشغل آخرون بلعب الطاولة والدومينو وسط ضحكاتٍ تشبه تلك التي كانت تُسمع في مقاهي القاهرة ودمشق وصنعاء.

■ فضاء ثقافي واجتماعي

تحولت بعض المقاهي إلى منصات ثقافية مصغرة؛ فبين جدرانها تُقام أمسيات شعرية عربية، ومعارض فنية صغيرة لفنانين من الجاليات، وحتى جلسات نقاش حول قضايا المغتربين. كما يُستخدم بعضها كمكان للقاء الصحفيين والنشطاء العرب المقيمين في تركيا.

وتقول "سارة عبد الله"، طالبة لبنانية في جامعة إسطنبول:

“أشعر أنني أعيش في وطن صغير داخل هذه المقاهي، نتحدث بالعربية، نسمع الأغاني القديمة، ونتبادل الحكايات وكأننا لم نغادر بلادنا.”

 

■ من دمشق إلى القاهرة مرورًا بصنعاء

في إسطنبول اليوم، يمكن لأي زائر أن يجد تنوعًا غنيًا في المقاهي العربية:

المقاهي السورية تمتاز بالديكور الشرقي التقليدي والنرجيلة بنكهة التفاح.

المقاهي اليمنية تقدم البن اليمني الأصيل والحلوى التقليدية مثل "البسبوسة العدنية".

المقاهي المصرية تستعيد أجواء المقاهي الشعبية القديمة بأغاني عبد الحليم وأم كلثوم.

المقاهي الخليجية تجذب الزوار بعطور البخور والقهوة العربية الأصيلة.

■ إسطنبول.. مدينة تفتح ذراعيها

لا يمكن فصل انتشار هذه المقاهي عن سياسة الانفتاح التي تتميز بها إسطنبول تجاه الجاليات العربية. المدينة التي جمعت عبر تاريخها حضارات متعددة، أصبحت اليوم حاضنة لملايين العرب الذين وجدوا فيها فرصة للحياة والعمل والأمان.

تقول إحصاءات غير رسمية إن أعداد المقاهي والمطاعم العربية في إسطنبول تجاوزت 3 آلاف منشأة ما بين مطعم ومقهى ومتجر صغير، غالبيتها تتركز في المناطق العربية المعروفة.

المقاهي العربية في إسطنبول.. ملتقى الجاليات وذكريات الوطن

■ ما وراء القهوة

وراء كل فنجان قهوة تُسكب في تلك المقاهي، قصة إنسان غادر وطنه بحثًا عن حياة جديدة. بعضهم وجد النجاح، وبعضهم ما زال يحاول، لكن الجميع يجتمعون على الطاولة نفسها، حيث تُروى الحكايات وتُستعاد الذكريات.

مشاركة على: