شبكة «السحر الرقمي» تُفكك في تركيا

شبكة «السحر الرقمي» تُفكك في تركيا
شبكة «السحر الرقمي» تُفكك في تركيا

شبكة «السحر الرقمي» تُفكك في تركيا

أعلنت النيابة العامة في إسطنبول، في بيان رسمي، بالتعاون مع فرق مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن، عن تنفيذ عملية واسعة النطاق استهدفت شبكة احتيال إلكتروني تدّعي تقديم خدمات «فَلّ، بُرّ، مُسَكّاة» عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي. العملية شملت 29 ولاية تركية، وأسفرت عن توقيف 42 شخصًا، بينما وُضع 13 آخرون تحت رقابة قضائية، بعد تحقيقات شاملة بدأت إثر ورود عشرات الشكاوى من مواطنين تعرضوا لعمليات احتيال منظمة.

🔹 حجم الضحايا وطبيعة الاحتيال

وفقًا للتقارير الرسمية، كانت هذه الشبكة تستهدف المواطنين عبر إنشاء حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع إلكترونية تدّعي تقديم خدمات روحانية تحت ذريعة فكّ السحر وفتح الحظ. وكان المتهمون يطلبون من الضحايا دفع مبالغ مالية كبيرة، وبعد الدفع الأول، يواصلون ابتزازهم لمزيد من الأموال باستخدام التهديد والخوف من «السحر» و«اللعنة». وبلغت القيمة الإجمالية للمبالغ المحصلة ما يقارب ستة ملايين ليرة تركية، استُحوذ عليها بطريقة احتيالية.

🔹 التنسيق القانوني والأمني

تُعد هذه العملية واحدة من أكبر حملات مكافحة الاحتيال الرقمي في تركيا خلال السنوات الأخيرة، لما تميزت به من حجم الضحايا وتنسيق واسع بين الولايات المختلفة. وتشير التحقيقات إلى أن 85 شخصًا على الأقل تم تحديدهم ضمن دائرة الشبهة، شمل ذلك المشتبه بهم الرئيسيين والعناصر المساعدة في الإدارة والترويج للأنشطة الاحتيالية. بعد مراجعة الأدلة، صدر قرار توقيف 42 شخصًا احتياطيًا، بينهم من كان يدير الحسابات الإلكترونية، وآخرون كانوا يوجّهون الضحايا للطريقة المثلى لدفع الأموال، بينما وُضع 13 آخرون تحت رقابة قضائية تشمل قيودًا على تحركاتهم ومتابعة مالية دقيقة.

🔹 الأساليب الرقمية المستخدمة

وأوضحت السلطات أن هذه الشبكات لا تعمل بأساليب تقليدية فقط، بل تستخدم تقنيات رقمية متقدمة، مثل إنشاء هويات مزيفة، وإرسال رسائل إلكترونية أو عبر تطبيقات الدردشة تحمل تهديدات أو وعودًا كاذبة لتحقيق أهدافهم المالية. كما يعتمد المحتوى المرئي والصوتي على إيحاءات سلطوية روحانية لإيهام الضحايا بقدرتها على التأثير في مصيرهم، ما يجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والوهم.

🔹 البعد المجتمعي والنفسي

لقيت العملية اهتمامًا واسعًا من الخبراء، إذ اعتبروها تحذيرًا للمدى الذي يمكن أن يصل إليه الاحتيال الرقمي. وذكر خبراء الأمن السيبراني أن هذه الشبكات تستغل ضعف الثقافة الرقمية لدى بعض المستخدمين، الذين يجهلون كيفية التحقق من هوية المصادر أو مصداقية العروض ويثقون بسهولة بمعلومات تصلهم عبر الإنترنت. من جهة أخرى، أشار خبراء علم النفس إلى أن استغلال الخوف من السحر واللعنات وسيلة قوية للسيطرة على الضحايا، وقد يعاني البعض آثارًا نفسية طويلة الأمد تشمل القلق والخوف المستمر، مع خسائر مالية كبيرة.

🔹 استمرار التحقيقات ومراقبة النشاط الرقمي

وأكدت السلطات التركية أن التحقيقات مستمرة للكشف عن الشبكات الموازية المحتملة، ومراقبة النشاطات الرقمية المشبوهة، مع تحليل الحسابات المصرفية والعمليات المالية للمتهمين لضمان استرداد الأموال المسروقة وملاحقة أي شركاء محتملين. وتأتي هذه الجهود ضمن خطة أوسع لمكافحة الاحتيال الإلكتروني على مستوى الدولة، تشمل تكثيف التواجد الرقمي للجهات الأمنية ومراقبة الإعلانات والمحتوى الذي يُروج للعرافة والكهانة عبر الإنترنت.

🔹 الأثر الاقتصادي والاجتماعي
من الناحية الاقتصادية، تؤثر هذه الشبكات على الثقة في التعاملات الرقمية، إذ تخسر الأسواق والمواطنون بسبب عمليات الاحتيال المنظمة. وتشير الدراسات إلى أن الاقتصاد الرقمي أصبح بيئة خصبة للابتزاز واستغلال الثغرات القانونية والتقنية، ما يستدعي تعزيز الأطر التشريعية والتنظيمية لمواكبة تطور الجرائم الإلكترونية.

على المستوى الاجتماعي، خلقت العملية نقاشًا واسعًا حول الحاجة إلى رفع مستوى الوعي بين المواطنين، خصوصًا الفئات الأكثر عرضة للتأثر بالخرافات أو الإعلانات الروحانية. كما أشارت الدراسات إلى أن الأزمات الاقتصادية أو الضغوط النفسية تزيد من احتمال وقوع الأشخاص ضحايا لشبكات الاحتيال، ما يجعل العملية التعليمية والتوعوية عن المخاطر الرقمية ضرورة ملحة.

🔹 الخبرة القانونية والتنسيق الأمني

ويرى الخبراء القانونيون أن هذه التحقيقات تضع ضغطًا على القضاء، لما تتطلبه من إجراءات متقدمة تشمل تحليل البيانات الرقمية، تتبع الحسابات البنكية، والتحقق من الهويات المزيفة. وتعد هذه التحقيقات نموذجًا متقدمًا للتنسيق بين وحدات الأمن المختلفة، بما في ذلك فرق مكافحة الجريمة الإلكترونية، النيابة العامة، والأجهزة القضائية في مختلف الولايات.

🔹الخلاصه

تظل الرسالة واضحة: على المواطنين توخّي الحذر من العروض الرقمية التي تبدو «روحية» أو «سحرية»، والتأكد من مصدرها قبل أي تفاعل مالي، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه للسلطات. كما تدعو العملية إلى تعزيز الثقافة الرقمية والقانونية لدى الجمهور لتقليل فرص استغلال الأفراد، وحماية المجتمع من الآثار النفسية والاقتصادية لهذه الجرائم.

مشاركة على: