إيران تلغي 4 أصفار من عملتها وتستعد لإطلاق "التومان الجديد
أعلن البنك المركزي الإيراني عن خطة رسمية لحذف أربعة أصفار من العملة الوطنية واستبدال الريال بـ"التومان الجديد"، في إطار إصلاح نقدي واسع يسعى إلى مواجهة التضخم المزمن الذي أنهك الاقتصاد الإيراني خلال السنوات الماضية.
تفاصيل القرار
وبحسب البيان الصادر عن البنك المركزي ونقلته وكالة الأنباء الرسمية (إرنا)، سيتم اعتماد التومان كعملة رسمية جديدة في البلاد، بحيث يعادل كل تومان جديد 10,000 ريال قديم.
وسيشمل القرار فترة انتقالية تمتد إلى عامين، يتم خلالها تداول العملتين معًا إلى أن يتم سحب الريال القديم بالكامل من السوق.
خلفية القرار
تأتي هذه الخطوة في ظل تراجع حاد لقيمة العملة الإيرانية منذ عام 2018، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعودة العقوبات الاقتصادية الصارمة.
وقد أدى ذلك إلى تآكل القوة الشرائية للمواطن الإيراني وارتفاع الأسعار بشكل متسارع، حيث تجاوز معدل التضخم السنوي في بعض الفترات 50%، وفق بيانات صندوق النقد الدولي.
ورغم محاولات الحكومة والبنك المركزي للسيطرة على السوق، بقيت العملة الإيرانية واحدة من أضعف العملات في العالم، حيث يتجاوز سعر الدولار الأمريكي في السوق الحرة 600 ألف ريال إيراني في الوقت الحالي.
تصريحات رسمية
وأكد محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين أن الإصلاح النقدي "ليس مجرد حذف للأصفار، بل خطوة ضرورية لإعادة تنظيم النظام المالي، وتبسيط المعاملات، وتقوية الثقة بالعملة الوطنية".
وأضاف أن التغيير سيترافق مع تحديث شامل للنظام المصرفي الإلكتروني وتطوير أنظمة الدفع والتعاملات المالية الداخلية، بما يتماشى مع العملة الجديدة.
أهداف الخطوة
يهدف القرار إلى:
تسهيل المعاملات النقدية اليومية للمواطنين.
تقليل تكاليف طباعة الأوراق النقدية المتعددة الأصفار.
تعزيز ثقة المواطنين بالعملة الوطنية.
دعم الجهود الحكومية لمكافحة التضخم وتحقيق استقرار الأسعار.
انتقادات ومخاوف
ورغم الترحيب الرسمي بالقرار، عبّر عدد من الخبراء الاقتصاديين عن قلقهم من أن الإصلاح الشكلي لا يكفي لمعالجة جذور الأزمة الاقتصادية.
ويرى المحللون أن التضخم في إيران مرتبط بالعقوبات الدولية وضعف الإنتاج المحلي والسياسات المالية التوسعية، وليس بعدد الأصفار في العملة.
كما أشار الخبير الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاز في حديث لتلفزيون “اعتماد” إلى أن “حذف الأصفار لن يكون فعالاً ما لم يصاحبه انضباط مالي، وتحكم حقيقي في السيولة، وزيادة في الصادرات غير النفطية”.
تجربة سابقة
يُذكر أن فكرة حذف الأصفار ليست جديدة، إذ طُرحت للمرة الأولى عام 2016 خلال رئاسة حسن روحاني، لكن تأجل تنفيذها بسبب العقوبات وتراجع العائدات النفطية.
وتنضم إيران بهذه الخطوة إلى قائمة دول مثل تركيا (2005) والأرجنتين وزيمبابوي التي نفذت إجراءات مماثلة لمواجهة التضخم.
العملة الجديدة
وسيحمل التومان الجديد تصاميم وطنية حديثة، تتضمن رموزًا ثقافية وتاريخية، مع خصائص أمنية متقدمة لمكافحة التزوير.
وستُطرح العملات المعدنية والورقية الجديدة تدريجيًا اعتبارًا من العام المقبل، بحسب ما أكده البنك المركزي.
أثر القرار على الأسواق
ورغم أن التغيير لن يؤثر مباشرة على القيمة الشرائية، إلا أن المتاجر والبنوك ستحتاج إلى وقت لتحديث أنظمتها المالية والفواتير والتطبيقات المصرفية بما يتوافق مع العملة الجديدة.
ويتوقع محللون أن يساهم القرار على المدى القصير في تبسيط العمليات التجارية والمحاسبية، لكنه لن يؤدي إلى انخفاض التضخم ما لم تُعالج أسبابه الجذرية.