تزايد سعر الإتريوم يفتح «نافذة أزمة» جديدة في التكنولوجيا
في أحدث موجة من التوترات في سلسلة التوريد العالمية، برز عنصر الإتريوم (Yttrium) كمصدر أزمة محتملة تهدد قطاع التكنولوجيا والصناعات الاستراتيجية. من إنتاج طائرات إلى محركات توربينات غازية وحتى رقائق أشباه الموصلات، يلعب الإتريوم دورًا مركزيًا لا يمكن تجاهله في العديد من التطبيقات الحرجة.
لماذا الإتريوم مهم؟
الإتريوم هو عنصر نادر من “الأرض النادرة” ويتميز بخصائص حرارية وكيميائية فريدة. يُستخدم في سبائك النيكل عالية الأداء لتقوية التحمل الحراري، كما يُضاف في طبقات الطلاء للحماية من درجات الحرارة المرتفعة في المحركات، وفي الصناعات شبه الموصلة، تُستَخدم طبقات أكسيد الإتريوم الرقيقة كعازل وحماية للأسطح.
الأزمة وكيف بدأت
الأزمة الحالية بدأت بعد أن شدّدت الصين القيود على تصدير الإتريوم وبعض العناصر النادرة الأخرى. منذ بداية العام، فرضت بكين ترخيصًا على تصدير عدد من هذه العناصر، ما أدى إلى انكماش كبير في العرض العالمي.
هذا التوجه الصيني أثار قلقًا كبيرًا، خاصة وأن كثير من الدول والمصنّعين يعتمدون بشكل كبير على الإتريوم المستخرج أو المكرر في الصين. التوريدات بدأت تتأخر، وظهرت شكاوى من تجّار يقولون إن مواعيد التسليم تتأخر لأشهر.
الارتفاع الجنوني للأسعار
في أوروبا، ارتفع سعر أكسيد الإتريوم إلى 270 دولارًا للكيلوغرام، وهو ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 4,400٪ منذ بداية السنة.
بالمقابل، في السوق الصينية المحليّة، ما زال السعر حول 7 دولارات للكيلوغرام، ما يدل على اختلاف كبير في الأسعار بين الأسواق.
التبعات على القطاعات الحساسة
قطاع الطيران: الإتريوم ضروري في سبائك النيكل المستخدمة في محركات الطائرات وطلاءات مقاومة للحرارة. الانقطاع في التوريد قد يضر بقدرة إنتاج المحركات عالية الأداء.
قطاع الطاقة: محطات الطاقة التي تستخدم توربينات غاز أو محركات ذات حرارة عالية تعتمد على سبائك الإتريوم لزيادة العمر التشغيلي والفعالية.
قطاع أشباه الموصلات: تُستخدم طبقات أكسيد الإتريوم في تصنيع بعض أنواع الرقائق لحماية الأسطح وعزلها، خاصة في البيئات التي تتطلب أداءً عاليًا وموثوقية.
المخاطر والبدائل
المحللون والمهتمون يؤكدون أن الاعتماد الكبير على الإتريوم، خصوصًا من الصين، يشكل نقطة ضعف استراتيجية في سلسلة التوريد. هناك نقص في الشفافية حول المخزون العالمي، وتقارير تشير إلى تباين كبير في التقديرات: بعض المصادر تقول إن هناك مخزون يكفي من عدة أشهر إلى سنة، بينما أخرى تلمّح إلى استنفاد الكميات بسرعة.
من جهة أخرى، هناك محاولات لتأسيس إنتاج محلي. شركة أميركية تُدعى ReElement Technologies تخطط لإنتاج 200 طن سنويًا من أكسيد الإتريوم بداية من ديسمبر، مع هدف للوصول إلى 400 طن بحلول مارس.
ولكن التحدي الأكبر هو بناء قدرة تكرير واسعة النطاق، لأنه ليس فقط الإنتاج الذي يهم، بل معالجة العناصر النادرة تتطلب خبرة وتقنيات متقدمة تحتاج وقتًا كبيرًا لتطويرها.
الإتريوم عنصر استراتيجي جدًا في قطاعات التكنولوجيا والطيران والطاقة.
القيود الصينية على التصدير وارتفاع الأسعار يفتح “نافذة أزمة” جديدة في سلسلة التوريد العالمية.
الدول الصناعية لا بد أن تنظر في تنويع المصدر وتعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد.
إذا لم تُعالج المشكلة بسرعة، قد نواجه اختناقات خطيرة في إنتاج التكنولوجيا المستقبلية.