الهجرة الداخلية وتأثيرها على الإيجارات في تركيا

الهجرة الداخلية وتأثيرها على الإيجارات في تركيا
الهجرة الداخلية وتأثيرها على الإيجارات في تركيا

تقرير: الهجرة الداخلية وتأثيرها على الإيجارات في تركيا

تشهد تركيا خلال العامين الأخيرين واحدة من أكبر موجات الهجرة الداخلية منذ عقدين، مع انتقال مئات الآلاف من السكان من المدن الصغيرة والولايات الطرفية إلى المدن الكبرى ذات الفرص الاقتصادية الأفضل، وعلى رأسها: إسطنبول، أنقرة، إزمير، بورصة، وأنطاليا.
هذه الحركة غير المسبوقة داخل البلاد لم تمر مرور الكرام على قطاع السكن، بل كانت من أبرز العوامل التي أدت إلى ارتفاع الإيجارات بشكل متسارع وتفاقم أزمة السكن بشكل عام.

وفي هذا التقرير تقدّم "نيو ترك بوست" قراءة شاملة لأسباب الهجرة الداخلية، وأثرها المباشر على سوق الإيجارات، وكيف تغيّرت خريطة السكن خلال 2024–2025، إضافة إلى تأثير ذلك على المقيمين العرب.


🔹 أولًا: ما أسباب موجة الهجرة الداخلية الأخيرة؟

1. البحث عن فرص العمل

تسجّل إسطنبول وأنقرة وبورصة أعلى عدد من الوظائف الجديدة سنويًا، ما يدفع آلاف المواطنين إلى الانتقال من ولايات مثل: أديامان، ماردين، سيواس، أغري، شرناق، أرضروم.

2. مشاكل ما بعد الزلازل

بعد زلزال فبراير 2023 وما أعقبه من هزّات، انتقل عشرات الآلاف من السكان من المناطق المتضررة إلى ولايات أكثر أمانًا، خاصة:

مرسين

أنقرة

إسطنبول

قونية

3. رغبة الشباب في السكن قرب الجامعات

جامعات إسطنبول وإزمير وأنقرة تستقطب أكبر عدد من الطلاب، ما أدى إلى زيادة الطلب على الإيجار الطلابي في مناطق محددة مثل:

كاديكوي

الفاتح

إسنيورت

باسن إكسبريس

بورصة نيلوفر

إزمير بورنوفا

4. انتقال الشركات والمصانع

خلال السنوات الأخيرة، توسعت المصانع في ولايات مثل بورصة وقونية وإزمير، ما جذب آلاف العمال.

5. ارتفاع جودة الخدمات في المدن الكبرى

من نقل عام متطور إلى بنية تحتية وأمان، ما جعل مئات الأسر تنتقل طوعًا بحثًا عن حياة أكثر استقرارًا.


🔹 ثانيًا: تأثير الهجرة الداخلية على الإيجارات في المدن الكبرى

📌 1. إسطنبول — المدينة الأكثر تأثرًا

تُعد إسطنبول الأكثر استقطابًا للسكان داخليًا، إذ سجّلت خلال العام الماضي وحده أكثر من 430 ألف عملية انتقال داخلي.

هذا أدى إلى:

ارتفاع الإيجارات بنسبة 60% خلال عام واحد

امتلاء الشقق الصغيرة بسرعة

تضاعف إيجارات الأحياء الأكثر طلبًا مثل: كاديكوي، اسكودار، باشاك شهير

إسنيورت

من المناطق التي قفزت إيجاراتها رغم كونها سابقًا منخفضة.


📌 2. أنقرة — ارتفاع ملحوظ لكنه أقل من إسطنبول

شهدت أحياء مثل:

جانكايا

كيتشي أوران

باتكينت

ارتفاعًا يتراوح بين 30 – 45% نتيجة قدوم الموظفين من الولايات الطرفية للوظائف الحكومية.


📌 3. إزمير — مقصد العائلات والشباب

أصبحت إزمير الوجهة المفضلة للعائلات التي تبحث عن مدينة هادئة وخدمات متطورة، مما أدى إلى:

ارتفاع الإيجارات بنسبة 35 – 50%

ضغط كبير في بورنوفا وكوناك وكارشي ياكا


📌 4. أنطاليا — الهجرة الداخلية + الخارجية

أنطاليا شهدت موجتين:

هجرة داخلية من ولايات الأناضول

هجرة خارجية من الروس والأوروبيين

ما أدى إلى ارتفاع الإيجارات بنسبة غير مسبوقة وصلت إلى 75% خلال عام واحد.


🔹 ثالثًا: ما العلاقة بين الهجرة الداخلية والارتفاع السريع للإيجارات؟

1. العرض أقل من الطلب

عدد الشقق الجديدة لا يكفي لاستيعاب الزيادة السكانية المفاجئة في المدن الكبرى.

2. زيادة الضغط على الشقق الصغيرة

العزاب والطلاب والعمال يفضلون شقق:

1+1

2+1

مما أدى إلى تضاعف أسعارها.

3. ارتفاع أسعار الأراضي والبناء

الطلب الكبير على السكن زاد أسعار الأراضي، ما أدى إلى زيادة كلفة الإيجار النهائي.

4. المستثمرون يستغلون الزيادة السكانية

في بعض المناطق ارتفعت الإيجارات بسبب:

تحويل المنازل إلى Airbnb

الإيجار باليوم أو الأسبوع

رفع الأسعار بشكل غير منضبط

5. تحويل المباني التجارية إلى سكن

لتغطية الطلب، تحولت بعض الوحدات التجارية إلى شقق مؤقتة للإيجار.


🔹 رابعًا: تأثير الهجرة الداخلية على المقيمين العرب

المقيمون العرب تأثروا بشكل مباشر:

1. صعوبة العثور على شقق بأسعار متوسطة

خاصة في إسطنبول وبورصة وأنقرة.

2. ارتفاع متواصل في عقود الإيجار القديمة

أصحاب المنازل يرفعون الإيجار عند كل تجديد.

3. انتقال العديد من الأسر العربية إلى ولايات أرخص

مثل:

سكاريا

قونية

سامسون

مرسين

4. زيادة الطلب على السكن المشترك

خصوصًا بين الطلاب والعمال.


🔹 خامسًا: كيف تحاول الحكومة والبلديات مواجهة المشكلة؟

1. مشاريع الإسكان الاجتماعي

المشاريع الجديدة تهدف إلى بناء آلاف الشقق بأسعار أقل.

2. منع الإيجارات غير القانونية (Airbnb)

فرض قيود وترخيص خاص.

3. ضبط أسعار الإيجارات القديمة والجديدة

من خلال:

تحديد نسبة الزيادة السنوية

تشديد الرقابة على العقود

4. تسريع مشاريع إعادة الإعمار

خصوصًا في الولايات المتضررة من الزلازل.


🔹 سادسًا: توقعات الخبراء خلال 2026

استمرار ارتفاع الإيجارات في المدن الكبرى

استقرار نسبي في المدن المتوسطة

انخفاض محتمل في الولايات الطرفية

انتقال مزيد من الفئات الشابة للعمل في مراكز المدن

زيادة الطلب على السكن الأقرب لمترو وخطوط النقل


🔹 خلاصة نيو ترك بوست

تظهر البيانات أن الهجرة الداخلية أصبحت أحد أهم أسباب ارتفاع الإيجارات في تركيا خلال العامين الأخيرين، خصوصًا في المدن الكبرى.
وستظل المشكلة مستمرة ما لم تُبنَ وحدات سكنية جديدة تلبي الزيادة السكانية، أو يُعاد توزيع المشاريع الاقتصادية على الولايات الطرفية لتخفيف الضغط على إسطنبول وإزمير وأنقرة.

مشاركة على: