غجر تركيا من الداخل.. حياتهم الاجتماعية ولماذا لايندمجون مع المجتمع التركي؟

غجر تركيا من الداخل.. حياتهم الاجتماعية ولماذا لايندمجون مع المجتمع التركي؟
غجر تركيا من الداخل.. حياتهم الاجتماعية ولماذا لايندمجون مع المجتمع التركي؟

غجر تركيا من الداخل.. حياتهم الاجتماعية ولماذا لايندمجون مع المجتمع التركي؟

إذا تجولت في شوارع تركيا، من المؤكد أنك ستلاحظ رجال أو نساء أو أطفالهم، يختلفون عن بقية العامة، شعرهم برتقالي اللون- ربما يفضلون استخدام تلك الصبغة دون غيرها- وبشرتهم سمراء، وملابسهم مميزة.


وغالبا ما ستلاحظ أن أحدهم يمسك بيده آلة موسيقية يجيد العزف عليها حتى ولو كان صبيًا حديث السن، أو ربما يبيع الورد، أو فتاة ترقص مع الموسيقى، هؤلاء هم "غجر تركيا".

ورغم هذه الصورة التي تبدو سعيدة لكن هذه الصورة هي أبعد ما يكون عن الواقع الذي يعانون منه.

ورغم التحسن الذي شهدته بعض جوانب حياة الغجر الأتراك في العقد الأخير من ناحية التعامل معهم على المستوى الرسمي، إلا أن هذه الأقلية ما زالت تعاني من الكثير من المشاكل في البلاد، بدءا من التمييز العنصري ضدها على المستوى الحكومي ووصولا إلى الفقر وانخفاض مستوى التعليم.

أصل الغجر

الغجر شعوب مهاجرة تعود أصولها إلى شمال الهند، وتتواجد في المنطقة الممتدة من وسط آسيا مرورًا بتركيا ووصولاً إلى البلقان.

عددهم

أعدادهم في تركيا، فكباقي الأقليات الإثنية لا يوجد أي إحصائيات رسمية، وتختلف التقديرات بين من يقول إن تعدادهم يصل إلى نصف مليون، وبين من يرى بأن تعداد الغجر والمجمعات التي تعيش بأسلوب الغجر يتراوح بين مليونين إلى خمسة ملايين، وينتشرون في عموم الجغرافيا التركية مفضلين العيش في المدن أو في ضواحيها.

دينهم

كما حال الغجر في كل بلد يسكنونه، يدين الغجر الأتراك بالإسلام من دون أن تشهد حياتهم أي علامات تديّن واضحة، أما أسماؤهم فإنها لا تختلف عن باقي الأسماء الشائعة في تركيا.

عملهم

يعمل الغجر الأتراك عموماً في المهن الموسمية الزراعية أو في جمع النفايات القابلة للتدوير وحمالين أو فرق موسيقية متجولة في الشوارع وبين المطاعم والبارات. بينما تعمل النساء في تنظيف المنازل أو بائعات جوالات أو في بيع الورود في الشوارع التي تعتبر ربما المهنة الثابتة الوحيدة للغجر.

لغتهم

للغجر لغة خاصة بهم، ولكن لا يتحدث بهذه اللغة سوى أقلية منهم، بينما تتحدث الغالبية اللغة التركية ممزوجة ببعض الكلمات الغجرية.


تحجيم التمييز العنصري ضدهم

تم إلغاء المادة الرابعة من قانون الإسكان التركي الصادر عام 1934، والتي كانت تضع الغجر مع كل من لاعلاقة له بالثقافة التركية والفوضويين والجواسيس بين من لن تقوم تركيا باستقبالهم كمهاجرين. وكذلك التعميم الذي كان يستند إلى القانون السابق، والذي كان يمنع منح الجنسية التركية للغجر والمتسولين.

وقامت وزارة التعليم التركية منذ بداية الألفية بإزالة جميع الأوصاف الدونية التي كان يوصف الغجر بها مثل الخسة والبخل وقلة الحياء والسرقة من المناهج التركية، وكذلك من الموسوعة التركية والموسوعة الإسلامية التابعة للوزارة، وأيضا قام مجمع اللغة التركية في عام 2003 بإزالة كل الأوصاف السيئة ضد الغجر من قاموس اللغة التركية، و تم إزالة كلمة "جنغنة" التركية التي تحمل الكثير من معاني التمييز العنصري المستخدمة لوصف الغجر من التعاملات الرسمية والاستعاضة عنها باسم "الرومان".

حياتهم الاجتماعية

يعاني الغجر في تركيا كما هو الحال في جميع الدول التي يسكنون فيها من فقر مدقع وانتشار عال للجريمة وكذلك عنصرية كبيرة ضدهم، بسبب أسلوب حياتهم المختلف، تعززها الأساطير الشعبية، فأي غجري هو إما سارق أو مجرم أو مشروع مجرم أو سكير بلا عمل ويشغل أبناءه في التسول وزوجته في الدعارة.

لماذا لا يندمجون مع المجتمع التركي؟

للإجابة على هذا السؤال يقول حسين كاراجا، غجري يعزف مع فرقة موسيقية في مطاعم السمك المنتشرة على ساحل منطقة سماتيا في إسطنبول: "الناس ينظرون إلينا ويروننا نضحك ونرقص ونغني، هذه طبيعتنا وثقافتنا، لكن لا أحد يعلم معاناتنا، ولا أحد يقترب منا أو يريد التعامل معنا، نحن أيضا نود أن يكون لنا منازل طبيعية وحياة طبيعة وبيوت فيها حمامات وغرف نوم، وأن نتمكن من الحصول على العمل من دون أن نعاني من العنصرية والاتهامات الموجهة ضدنا".

ويضيف: "يتعامل معنا باقي المواطنين الأتراك على أننا مجرمون، نحن أيضا نبحث عن العمل، ولكن لا أحد يرضى أن يشغلنا، ولولا أني تعلمت العزف من والدي لما كان أمامي أي طريق آخر سوى الجريمة، قد نكون بلا تعليم ولكن ذلك ليس لأننا نكره التعليم ولكن لأننا لا نمتلك المال للتعلم".

ويؤكد تقرير صادر عن المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، بأن الغجر الأتراك لا يمتلكون حقوقاً متساوية مع باقي المواطنين الأتراك في الحصول على الحق في التعليم والسكن.

ويشير التقرير إلى الغجر يتم مصادرة منازلهم وبناء مساكن فاخرة مع إعادة إسكانهم في مناطق أخرى خارج المدينة، كما حدث في حي سولوكولة في منطقة الفاتح في مدينة إسطنبول، حيث تم إسكان الغجر المصادرة منازلهم على بعد أربعين كيلومترا من حيهم.

ويضيف نجاتي أوزبك، غجري من أدرنة ويعمل مع كاراجا في الفرقة: "يظن الناس بأننا نحب العيش في الخرابات، ولكن لا أحد يعلم بأننا لا نمتلك المال كي نستأجر بيوتاً، أعرف بأنه يخطر ببال الجميع بأن الغجر لا يتوقفون عن الرقص والغناء والضحك، لا يعرف هؤلاء بأننا إن لم نضحك ونرقص لن نستطيع مواجهة كل ما نتعرض له، ولن يبقى أمامنا سوى حل واحد وهو الانتحار".

مشاركة على: