السوق المصري في إسطنبول عبق التاريخ و الثقافات منذ خمسة قرون

السوق المصري في إسطنبول عبق التاريخ و الثقافات منذ خمسة قرون
السوق المصري في إسطنبول عبق التاريخ و الثقافات منذ خمسة قرون

السوق المصري في إسطنبول عبق التاريخ و الثقافات منذ خمسة قرون

البداية : سوق التوابل ومركز التجارة العثمانية

يعود تاريخ السوق المصري ، أو كما يُعرف بالتركية Mısır Çarşısı، إلى القرن السابع عشر، وتحديدًا إلى عام 1664م في عهد السلطانة تورهان خاتون والدة السلطان محمد الرابع. أُنشئ السوق بجوار مسجد يني جامع في منطقة إمينونو الحيوية، وكان الغرض من بنائه توفير دخل دائم للمسجد عبر تأجير المحال التجارية داخله.
 

تاريخ انشاء السوق المصرى

سُمّي بـ“السوق المصري” لأن جزءًا كبيرًا من الضرائب التي موّلت بناءه جاء من مصر العثمانية، كما كانت التوابل والبضائع القادمة من الهند وشرق آسيا تصل إلى إسطنبول عبر الموانئ المصرية في الإسكندرية ودمياط. ومن هنا ارتبط اسمه بمصر والتجارة الشرقية الغنية بالعطور والتوابل والأقمشة.
 

السوق المصرى عام 1870

هيكله المعماري : تحفة من الزمن العثماني

صُمم السوق المصري على طراز الأسواق المغطاة التقليدية، بطول يقارب 120 مترًا، ويضم ستة مداخل رئيسية تؤدي إلى ممرات تتقاطع في قلب السوق. يبلغ عدد محاله اليوم نحو 100 محل، أغلبها مخصص لبيع التوابل، والأعشاب، والعسل، والمكسرات، والمصنوعات اليدوية، والحلوى التركية.

تغطي الأسقف قباب حجرية مزخرفة بزخارف هندسية عثمانية، فيما تعكس الأقواس العالية والبوابات الحجرية الطابع المعماري العثماني الكلاسيكي الذي يجمع بين الجمال والوظيفة.
 

السوق المصرى فى اسطنبول

عصر الازدهار التجاري

خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كان السوق المصري مركزًا رئيسيًا لتجارة التوابل في العالم العثماني. كان التجار يأتون من الهند، والعراق، ومصر، وسوريا، والبلقان، والقوقاز، لتبادل السلع النادرة والعطور والبخور.

وبفضل موقعه في قلب القرن الذهبي قرب الميناء، كان السوق جزءًا من شبكة التجارة التي ربطت الشرق بالغرب. وكان التجار الأوروبيون يشترون منه بضائعهم لتصديرها إلى مدن البحر المتوسط.
 

السوق المصرى  عام  1979

من سوق محلي إلى وجهة سياحية عالمية

مع بدايات القرن العشرين وتراجع التجارة التقليدية، فقد السوق جزءًا من دوره التجاري القديم. لكنه عاد للازدهار من جديد في العقود الأخيرة بفضل النهضة السياحية في إسطنبول.

اليوم، أصبح السوق المصري مقصدًا أساسيًا لملايين الزوار سنويًا، سواء من السياح العرب أو الأجانب، لما يقدمه من تجربة حسية فريدة تجمع بين عبق التاريخ وروائح التوابل والأعشاب العطرية.

يُعد السوق مثالًا حيًا على قدرة إسطنبول على الحفاظ على تراثها العثماني وتكييفه مع العصر الحديث، إذ تم ترميمه عدة مرات، آخرها عام 2018، للحفاظ على بنيته الأصلية وتحسين خدماته للسياح.
 

السوق المصرى فى اسطنبول

ما الذي يميز السوق اليوم ؟

تنوع المنتجات: من الزعفران الإيراني إلى القهوة التركية والعسل الطبيعي والصابون الحلبي.

التجربة الحسية: مزيج مذهل من الألوان والروائح والمذاقات التي تأخذ الزائر في رحلة عبر العصور.

القرب من معالم تاريخية: يقع على بعد خطوات من مسجد يني جامع وجسر غلطة والقرن الذهبي.

الطابع الأصيل: رغم ازدحام السياح، ما زال يحتفظ بهويته المحلية وباعة يتوارثون المهنة عبر الأجيال.
 

السوق المصرى فى اسطنبول

رمز ثقافي حيّ

اليوم، لم يعد السوق المصري مجرد مكان للبيع والشراء، بل أصبح رمزًا ثقافيًا وسياحيًا لإسطنبول. فهو يجسد روح المدينة التي تجمع بين الشرق والغرب، بين التاريخ والحداثة.

ويُعد زيارة السوق تجربة لا غنى عنها لأي من يرغب في استكشاف التراث العثماني من خلال الحواس الخمس، حيث تمتزج روائح القرنفل والفلفل الأسود بالعطور الشرقية وصوت الباعة الذين ينادون بلغات متعددة.
 

السوق المصرى فى اسطنبول

خاتمة

السوق المصري في إسطنبول ليس مجرد معلم تاريخي، بل حكاية مستمرة منذ أكثر من 350 عامًا. من مركز تجارة التوابل في الإمبراطورية العثمانية إلى وجهة عالمية للسياح ومحبي التراث، يظل السوق شاهدًا حيًا على تاريخ المدينة وقدرتها الدائمة على التجدد دون أن تفقد روحها.
 

السوق المصرى فى اسطنبول

نصائح للزوار

أفضل وقت للزيارة : يُنصح بزيارة السوق في الصباح الباكر بين الساعة 9:00 و11:00 لتجنب الازدحام والاستمتاع بجولة مريحة.

أيام العمل : السوق مفتوح يوميًا من الساعة 9:00 صباحًا حتى 7:00 مساءً، ويغلق أبوابه أيام الأعياد الدينية الرسمية فقط.

طريقة الوصول : يمكن الوصول إليه بسهولة عبر الترام (محطة إمينونو) أو سيرًا على الأقدام من منطقة السلطان أحمد.

نصيحة للشراء : من الأفضل المقارنة بين الأسعار في أكثر من محل قبل الشراء، فبعض المتاجر تستهدف السياح بأسعار أعلى.

تجربة لا تفوَّت : جرّب تذوق الحلقوم التركي والعسل الصافي، فهما من أشهر منتجات السوق وأكثرها جودة.

مشاركة على: