تعديلات 2025 لقوانين الجاليات العربية في تركيا
أنقرة ـــ 6 نوفمبر 2025
تواصل الحكومة التركية هذا العام تعزيز الإطار القانوني والتنظيمي الذي يخصّ الأجانب والمهاجرين، بما في ذلك الجاليات العربية المقيمة في البلاد، وذلك من خلال سلسلة تعديلات قانونية تدخل حيّز التنفيذ أو تُجرى مراحلها في 2025. هذه التعديلات تتنوّع بين متطلبات الإقامة في أحياء معيّنة، وضوابط العمل للمقيمين الأجانب، وإلزام الترجمة للوثائق العربية، ما يشير إلى توجه تركي نحو تنظيمٍ أكثر صرامة لوضع الجاليات المقيمة، مع تعزيز الشفافية وتأكيد الأولوية للقوانين الداخلية.
مقدمة التعديلات وأهدافها
في سياق سياسة تركية للاعتماد على قانون الهجرة والإقامة الأجنبيّة وتنظيم سوق العمل والمناطق السكنية، أصدرت وزارة الداخلية وهيئات الهجرة في تركيا في 2025 قرارات واضحة تخص أحياء لا يُسمَح فيها بالإقامة للمقيمين الأجانب، وتسهيلات أُخرى لفئات معيّنة من المستثمرين الخليجيين، فضلاً عن تحديث شروط العمل للمقيمين الأجانب من ذوي الأصول التركية أو التركّية.
وقد ركّزت هذه التشريعات على تحقيق هدف مزدوج: تنظيم تدفّق الأجانب والمقيمين غير الأتراك بصورة أكبر، وتوفير بيئة قانونية واضحة للجاليات الأجنبية بما يحمي حقوقهم ضمن إطار الدولة التركية.
أبرز ما تغيّر في القوانين
1. مناطق “الإقامة المغلقة” للأجانب مع استثناءات
أصدرت هيئة الهجرة التركية قائمة لعام 2025 تضمّ عشرات الأحياء في المدن الكبرى (مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير وأنتاليا) التي يُمنع فيها إصدار أو تجديد بطاقات الإقامة للأجانب.
لكنّ القرار تضمن استثناءً لمواطني دول الخليج (باستثناء العراق)، حيث سُمح لهم بالتقدّم للإقامة حتى في هذه الأحياء المغلقة، ما يوفر فرصاً استثمارية جديدة لمواطني تلك الدول.
هذا الأمر يُعد مهمًا للجاليات العربية خصوصًا من دول الخليج، لكنه يعكس أيضاً أن الأجانب من بلدان أخرى أو المقيمون العاديّون قد يواجهون صعوبة في اختيار سكن داخل أحياء معينة.
2. إلزام ترجمة الوثائق العربية إلى التركية
نشرت مكاتب قانونية تركيّة في أغسطس 2025 قواعد مؤكّدة بأن الوثائق المقدّمة من الناطقين بالعربية — مثل شهادة الميلاد أو الزواج أو الوكالات أو العقود التجارية — يجب أن تُترجم إلى اللغة التركية بواسطة مترجم محلّف، ويجب تصديقها لدى كاتب العدل أو الحصول على ختم أضبوة (apostille) إن أمكن.
هذه الخطوة تؤثّر على الكثير من العرب المستثمرين أو المقيمين الذين يتعاملون بالوثائق العربية أو لديهم علاقات تجارية أو عائلية مع بلدان عربية، وتزيد من متطلبات الامتثال القانوني.
3. شروط العمل للأجانب من أصول تركية أو تركيّة الإنتماء
أُدخلت تعديلات في 10 أكتوبر 2025 على لائحة تطبيق القانون رقم 2527 التي تعطي امتيازات لمن يُعرّف بأنهم “من ذوي الأصول التركية أو التركّية” للعمل في تركيا.
بموجب التعديلات:
تم نقل تحديد من هم “ذوو الأصول التركية” إلى قرار رئاسي، ما يعني أن الحكومة أصبحت تتحكّم مباشرة في تحديد أي الجنسيات أو الجماعات تندرج تحت هذا التصنيف.
تم فرض ما لا يقلّ عن عشرة شروط صارمة للعمل في مهن كانت محجوزة سابقاً لتركياً، حتى لمن ينطبق عليهم تعريف “ذوي الأصول التركية”.
هذا يعني أن العرب أو المقيمين من أصول عربية الذين يعتقدون أنهم قد ينطبق عليهم هذا القانون يجب أن يُراجعوا وضعهم القانوني بيروقراطياً.
4. تأثير التعديلات على الاستثمار والإقامة
في إطار تشجيع الاستثمار الأجنبي، تمنح تركيا تسهيلات للمستثمرين العرب مثل الإقامة عند شراء عقار. لكن مع هذه القوانين الجديدة، يجب التأكّد من المنطقة (أنّها ليست محظورة)، وتصديق الوثائق، والالتزام بالشروط الخاصة بالعمل أو الإقامة إذا كان الشخص يريد أن يمارس نشاطاً إضافياً.
على سبيل المثال: قبيل هذه التعديلات، كان بعض العرب يستثمرون في شرق إسطنبول أو في مناطق أخرى، لكن القائمة الجديدة للأحياء المحظورة قد تؤخر طلباتهم أو تجعلهم في حاجة إلى توجيه قانوني إضافي.
خلفية التغييرات
يرجع جزء من أسباب هذه التعديلات إلى التزايد الكبير في عدد المقيمين الأجانب، ومنهم العرب، في تركيا خلال السنوات الأخيرة، ما أثار تحديات في الخدمات العامة، السكن، الأمن، والبنية التحتية. أيضاً، وجود استثمارات عقارية كبيرة من العرب دفع الحكومة إلى تنظيم أكثر صرامة للمناطق السكنية وللوثائق.
علاوةً على ذلك، يُنظر إلى أن هذه القوانين تنسجم مع سياسة تركيا في تعزيز “الوطنية” واللغة التركية كلغة رسمية، وتنظيم تدفّق الاستثمار الأجنبي في إطار يحفظ مصالح الدولة.
تداعيات ومخاوف الجاليات العربية
يناقش بعض السكان العرب أن تصنيف الأحياء المحظورة قد يؤدِّي إلى تقييد حرية الاختيار السكني، خصوصاً لمن لا يمتلكون علاقات استثمارية كبيرة أو يعرفون القوانين التركية جيداً.
المستثمرون العرب بحاجة الآن إلى خدمات قانونية متخصصة أكثر، وهو ما قد يزيد من تكاليف الدخول إلى السوق التركي.
من ناحية إيجابية، توفّر هذه القوانين وضوحًا أكبر وحماية قانونية أكبر للمستثمرين المقيمين، ما قد يجعل تركيا بيئة أكثر أمانًا على المدى الطويل.
التركيز على ترجمة الوثائق العربية قد يرسم سيناريو أن على العرب مراقبة وثائقهم، والتأكّد من مطابقتها للمعايير التركية، وإلا قد يواجهون تأخرًا أو رفضًا في المعاملات.
التطلّعات المستقبلية
من المتوقع أن تستمر الحكومة التركية بتوسيع قائمة الأحياء المغلقة أو مراجعتها، وقد تُصدر لوائح إضافية تنظم الاستثمار العقاري للأجانب العرب بشكل خاص، أو تُفرض مزيد من المعايير في المجالات التجارية، التشغيلية، أو العقارية.
كما أن الأوساط القانونية تتوقع أن تُصدر تركيا منصة أو نظاماً إلكترونياً يوفّر ترجمة موثوقة ووثائق مترجمة معتمدة لتسهيل الإجراءات للأجانب، خاصة العرب.