محكمة النقض التركية تُنصف المستأجرين وتوجّه ضربة لأصحاب العقارات

محكمة النقض التركية تُنصف المستأجرين وتوجّه ضربة لأصحاب العقارات
محكمة النقض التركية تُنصف المستأجرين وتوجّه ضربة لأصحاب العقارات

محدث: محكمة النقض التركية تُنصف المستأجرين وتوجّه ضربة لأصحاب العقارات

شهدت الأوساط القانونية والعقارية في تركيا جدلاً واسعًا بعد صدور قرار جديد من محكمة النقض التركية (Yargıtay)، يُنصف المستأجرين في قضية مهمة تتعلق بالمسؤولية عن الأضرار التي تلحق بالمساكن المؤجرة عند انتهاء فترة الإيجار.

وبحسب ما نشرته قناة NTV التركية، فقد اعتبرت المحكمة أن “التآكل أو التلف الناتج عن الاستخدام العادي للعقار” لا يمكن تحميله للمستأجر، بل يُعد من مسؤولية المالك باعتباره أمرًا طبيعيًا ناتجًا عن مرور الزمن والاستعمال المألوف للمسكن. القرار جاء بعد نزاع قضائي رفعه مالك عقار ضد مستأجره، مطالبًا بتعويض مالي لإصلاح بعض الأضرار الطفيفة التي لحقت بالمنزل بعد انتهاء عقد الإيجار.

غير أن المحكمة، وبعد فحص القضية والتقارير الفنية، رأت أن الأضرار الموصوفة لا تتجاوز حدود الاستخدام المعتاد، وأن المستأجر لم يتصرف بإهمال أو تخريب متعمد. وبناءً عليه، حكمت المحكمة برفض طلب المالك وإلزامه بتحمل تكاليف الإصلاح، معتبرةً أن الأعباء الناتجة عن “الاستهلاك الطبيعي” للعقار لا تقع ضمن التزامات المستأجر.

ويؤكد القرار الجديد توجّه القضاء التركي نحو حماية حقوق المستأجرين في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الإيجارات في البلاد، حيث أصبحت قضايا المنازعات بين الملاك والمستأجرين من أكثر الملفات المطروحة أمام المحاكم خلال العامين الأخيرين.

كما أوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن “المادة 316 من القانون المدني التركي” تنص على التزام المستأجر بالمحافظة على العقار واستخدامه بشكل مناسب، لكنها لا تفرض عليه مسؤولية الإصلاحات التي تنتج عن القدم أو التآكل الطبيعي.

ويرى عدد من المحامين أن هذا القرار يشكّل سابقة قانونية يمكن للمستأجرين الاستناد إليها في نزاعات مماثلة مستقبلًا، خصوصًا في القضايا التي تتعلق بإعادة المساكن إلى حالتها الأصلية عند نهاية العقد. كما أنه يحدّ من محاولات بعض الملاك تحميل المستأجرين مصاريف مبالغ بها تحت مسمى “إصلاح الأضرار”.

في المقابل، عبّر عدد من أصحاب العقارات عن قلقهم من أن القرار قد يفتح الباب أمام بعض المستأجرين غير المنضبطين لتجاهل التزاماتهم، مؤكدين أن التوازن بين حقوق الطرفين يجب أن يُحافظ عليه دون الإضرار بمصالح الملاك.

ويرجّح محللون أن هذا القرار سيؤثر في سوق الإيجارات على المدى المتوسط، إذ سيعزّز ثقة المستأجرين بالنظام القضائي التركي، ويقلّل من النزاعات القانونية الطويلة والمكلفة. كما أنه يُعد خطوة جديدة في مسار إعادة ضبط العلاقة الإيجارية بما يراعي العدالة لكلا الطرفين، خاصة بعد موجة الغلاء التي شهدتها تركيا في الأعوام الأخيرة.

بهذا القرار، وجّهت محكمة النقض التركية رسالة واضحة مفادها أن القانون يقف إلى جانب الاستخدام العادل والمنصف للعقارات، وأن حقوق المستأجرين محمية طالما التزموا بشروط العقد واستخدموا المساكن بشكل طبيعي لا يتضمن إهمالًا أو أضرارًا متعمدة.

مشاركة على: